حذّر مركز الدراسات والإعلام الإنساني من كارثة مجاعة قد تجتاح المحافظات اليمنية بسبب انهيار العملة المحلية وارتفاع الأسعار الجنوني واختفاء السلع الأساسية في ظل تهدُّم البنية التحتية وغياب الخدمات الأساسية منذ ثلاث سنوات بسبب الحرب التي سببها الانقلابيون في اليمن مثمناً دور المملكة الإنساني في اليمن والتي جاء آخرها وديعة بملياري دولار أمريكي للبنك المركزي لتحفظ العملة اليمنية من التدهور وتنعش الاقتصاد الوطني.
الأمن الغذائي:
وأشار المركز في تقريره إلى أن نسبة انعدام الأمن الغذائي بلغت 75%، بسبب الحرب وفي ظل توقف الصادرات التي تُعد رافعة الاقتصاد الأساسية في اليمن مثل النفط والمنتجات الزراعية وعدم تفعيل الموانئ اليمنية وجمود الحركة التجارية ونزوح المستثمرين وعدم ضبط عملية الاستيراد والتصدير حيث كانت تستورد اليمن نحو 90% من الغذاء، وبسبب إفراغ خزينة الدولة من قبل جماعة الحوثي في ظل الأوضاع المأساوية التي تشهدها اليمن وانعدام الأمن الغذائي والصحي والبيئي وتوقف مرتبات القطاع العام فاقم المأساة الإنسانية في اليمن وجعلها الأسوأ في العالم حيث ارتفعت نسبة الفقر من 45% في العام 2014 إلى 75% في العام 2017 م.
وطالب المركز بتدخل عاجل من قبل المنظمات الإنسانية بمشاريع إغاثية وتنموية لإنقاذ 22 مليون من المدنيين بحاجة إلى مساعدات إغاثية منهم 6 مليون مهددون بالمجاعة، مشيرًا إلى أن المشاريع الاغاثية ساهمت في التخفيف من الوضع خلال السنوات الماضية لكنها غير ثابتة ولا تفي بالاحتياج الكامل للعيش حيث إن معدل الإغاثة التي وصلت للمستفيدين خلال العام 2017 لم تتجاوز 50% من حجم الاحتياج الحقيقي، ويفتقر 19.4 مليون إلى المياه النظيفة وخدمات الصرف الصحي حيث لا يستطيع 9.8 مليون الوصول إلى المياه بسبب الحرب وتعطل؛ شبكات المياه الرئيسية وانقطاع الكهرباء في أغلب محافظات الجمهورية.
حركة النزوح
وأفاد التقرير بأن النازحين ازدادت معاناتهم خلال فصل الشتاء لعدم توفر مراكز إيواء حيث يعيش 10% من النازحين في تعز ولحج وإب وعدن والبيضاء ومأرب وحضرموت وصنعاء في الأودية والجبال يفترشون الأرض ويلتحفون السماء ووصل بهم الحال إلى الأكل من أوراق الشجر في ظل تغيب الإغاثة الكافية عنهم ويدفعهم الخوف من العودة إلى الأماكن التي نزحوا منها بسبب تدمر منازلهم والقصف العشوائي وزراعة جماعة الحوثي للألغام الفردية التي حصدت نحو 800 قتيل و1500 مصاب منهم 135 طفل و45 من النساء .
وطالب المركز جماعة الحوثي الوقوف فوراً عن استخدام هذه الأسلحة وعلى جميع أطراف النزاع في اليمن الالتزام بمعاهدة حظر الألغام لعام 1997، التي انضمت لها اليمن في 1998، مطالباً فرق نزع الألغام تكثيف جهودها في مناطق الصراع لحماية المدنيين من هذا الخطر الذي يهدد حياتهم ويمنع النازحين من العودة إلى منازلهم.
ويعاني 85% من النازحين الذين بلغ عددهم 3 مليون نازح من نقص حاد في الغذاء وانعدم الرعاية الصحية ، في حين يتنظر 370 الف أخرين طلبات اللجوء. وقد حُرم أكثر من 1.8 مليون طفل يمني من التعليم حيث باتت 1000 مدرسة غير قادرة على استقبال الطلاب و175 مدرسة تم تدميرها.
الأمن الصحي:
أشار التقرير إلى أن المرافق الصحية التي تعمل في اليمن لا تتجاوز 45% بعد استهداف المرافق والمستشفيات والمراكز الصحية ومغادرة 50% من الكادر الطبي بسبب الحرب وتوقف المرتبات وعدم توفر البيئة الآمنة للعمل، مما أدى إلى تردي الوضع الصحي وانتشار الأمراض والأوبئة.
وأوضح التقرير تأثر كفاءة المنشآت الصحية في مناطق عديدة؛ نظرا لتدهور الأوضاع الأمنية، ورحيل طواقم طبية، وصعوبة وصول الإمدادات الطبية إلى هذه المنشآت". وواجهت المراكز الصحية تحديات عديدة، أهمها نقص الأدوية الجراحية، وأدوية علاج الإصابات، والأدوية الخاصة بالأمراض غير المعدية، وأكياس الدم ومشتقاته ومستلزماته، واحتياجات المعامل، وحتى الوقود اللازم لتشغيل سيارات الإسعاف والمولدات الكهربائية؛ لضمان استمرار توفير الخدمات أثناء انقطاع التيار الكهربائي.
ويعتبر أطفال اليمن هم الشريحة الأكثر تضررا من الحرب، حيث يعاني مليونا طفل من سوء التغذية، ويموت طفل يمني جراء سوء التغذية كل عشر دقائق، مع ارتفاع عدد المهددين بسوء التغذية الحاد إلى أكثر من 460 ألف طفل، وانتشار التقزم وسط الأطفال، ولا سيما في المحافظات الشمالية.
مكافحة الأوبئة:
وأشاد التقرير بدعم وتمويل مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية في تمكنه من مكافحة وباء الكوليرا حيث نفذ المشروع عبر منظمة الصحة العالمية واليونسيف ووزارة الصحة اليمنية خلال العام 2017م للحد من انتشار وباء الكوليرا ومكافحة مسبباته حيث بلغت نسبت التعافي 99%، فيما بلغت نسبة الوفيات 0.5% ، ويأتي هذا استمرارا لجهود المركز ومشاريعه في اليمن والتي بلغت 175 مشروعا منذ أبريل 2015 وحتى ديسمبر 2017 بتكلفة تجاوزت 821 مليون دولار في مختلف المجالات الإنسانية .
ومع نهاية العام 2017 م تفشى وباء الدفتيريا بشكل متسارع في اليمن، إذ وصل عدد حالات الإصابة التي تم تشخيصها معمليا إلى 610 حالة، فيما لقي 48 شخصا مصرعهم بسبب المرض في أقل من أربعة أشهر.
وقد وقعت معظم حالات الإصابة في إب والحديدة، إلا أن المرض يتفشى بشكل سريع إذ يؤثر الوباء الآن على 19 من محافظات اليمن الثلاث والعشرين.
ويأتي انتشار هذه الأوبئة في ظل توقف مرتبات عمال النظافة وتكدس القمامة وعدم تمكن العديد من السكان من الحصول على مياه صالحة للشرب، كما أسهمت الأمطار الغزيرة هذا العام، والمتزامنة مع تدهور المرافق الصحية، في زيادة انتشار تلك الأوبئة".
أمراض مزمنة
وبعيدًا عن الأمراض الطارئة في زمن الحرب والأمراض الفيروسية التي أعادتها الحرب، تضاعفت معاناة المصابين بأمراض مزمنة، لا سيما بعد توقف دعم المستشفيات بالأدوية والمستلزمات الطبية، والارتفاع الجنوني لأسعار الأدوية وانعدام بعضها خاصة بعد انهيار العمل اليمنية.
حيث يوجد الآلاف من مرضى الأمراض المزمنة، مثل السرطان والسكري والفشل الكلوي وأمراض القلب، يتهددهم الموت، بسبب نقص الأدوية الخاصة بهذه الأمراض، والتي تعتبر غالية الثمن إن وُجدت.
وأشار التقرير إلى أن الوضع يزداد سوءا في المحافظات المتضررة من الصراع، حيث يضطر الكثير من هؤلاء المرضى في بعض المحافظات للسفر إلى صنعاء للعلاج؛ ما شكل عبئا كبيرا على المستشفيات والمرافق الصحية في العاصمة التي تفتقر هي الأخرى للتجهيزات الكافية ونقص حاد في الأدوية ، مما يسبب الوفيات بشكل مستمر بسبب عدم القدرة على العلاج وصعوبة الحصول على المنح العلاجية للخارج".
ودعا المركز في ختام تقريره إلى ضرورة وجود التنسيق بين مختلف المنظمات الانسانية مشدداً على ضرورة وجود الرقابة لضمان وصول المساعدات لمستحقيها كما ثمن دور كافة المنظمات المحلية والدولية والأهلة الخليجية وفي مقدمتهم مركز الملك سلمان للاغاثة والاعمال الانسانية لجهودهم المستمرة في التخفيف من معاناة اليمنيين داعياً إلى وجود مشاريع تنموية واستمرار العمل الاغاثي للتخفيف من كارثية الوضع ومنع وقوع اليمن في طور المجاعة التي تطرق أبوابه؛ مطالبا العاملين في المجال الإنساني مراعاة حقوق المستهدفين في العمل وفق المعايير الدولية.
إضافة تعليق