أدى مقتل أحد عمال الاغاثه اللبناني في نهاية المطاف إلى القتال بين أفراد المقاومة الشعبية.
تعز - اليمن، أصبح سكان أكبر ثالث مدينة يمنية معتادين على مظاهر العنف منذ اندلاع الحرب في 2015 فقد مات آلاف ، في حين أصيب الكثيرون و شردوا.
لكن هذا الأسبوع شهد ارتفاعا مفاجئا في الإشتباكات والتي أصابت الكثيرين بالرعب فكيف أن القتال وصل إلى الشوارع السكنية ، وتلك الجماعات التي توحدت تحت مسمى المقاومة الشعبية تقتتل الان مع بعضها البعض.
يقول المحاسب أنور سامي ، الذي يعيش في شارع جمال ، وسط تعز " أن العديد من السكان خشوا مغادرة منازلهم وسط العنف والقصف العشوائي من قلعة القاهرة ، حيث تعتبر القلعة موقع تاريخي يطل على مدينة تعز. ويضيف سامي" بينما كنت عائدا إلى منزلي يوم الاثنين ، اندلعت الإشتباكات بالقرب مني، حيث رأيت مدنيين مصابين امامي ، وأعتبرني محظوظا للنجاة من هذه الاشتباكات".
لقد أغلقت المحلات التجارية وتوقفت الاعمال وانتظر الناس بفارغ الصبر إنهاء الاشتباكات لإستئناف حياتهم اليومية.
ولا يغادر سامي بيته الا لشراء الاغذية الاساسية من أقرب سوق والذهاب إلى عمله كمحاسب في حي الثورة.
ويضيف سامي "عندما تغادر منزلك ، تشعر بأنك لن تعود مرة أخرى ، لذلك امنع أطفالي من مغادرة المنزل وأقوم أنا بإحضار اي شيء من خارج المنزل. وتعتبر هذه الإشتباكات من أخطرها حيث لا يعرف أي شخص مناطق الصراع ففي كل مكان يمكن ان تصبح منطقة صراع في اي لحظة ".
الإفراج عن السجناء كانت الشرارة التي سببت بإندلاع الإشتباكات، حيث اندلعت الإشتباكات الضارية يوم الاثنين بين كتائب أبو العباس زعيم السلفيين في تعز وقوات الأمن التي تدعمها الشرطة العسكرية.
فقد أتت الكتائب بعد أن اعتقلت قوات الأمن التابعة للدولة الرجال الذين اشتبهوا في قيامهم باغتيال حنا لحود ، أحد موظفي اللجنة الدولية للصليب الأحمر ، يوم السبت الماضي. فقد قتل لحود بالرصاص في منطقة الضباب ، المدخل الجنوبي الغربي لتعز ، ليغادر فريق من العاملين في مجال المعونة المدينة.
وكان المشتبه بهم ينتمون إلى كتائب موالية لأبو العباس التي توجهت إلى السجن الحكومي حيث تم إحتجاز المشتبه بهم يوم الأحد ومن ثم أطلق سراحهم. ففي نفس اليوم ، صرح محافظ تعز أمين محمود ، لقوات الأمن بشن حمله عسكريه ضد الجماعات "الخارجة عن القانون" في المدينة ، بما فيها السلفيون ، وإعادة المؤسسات العامة إلى الحكومة.
حيث بدأت العملية يوم الاثنين، وسرعان ما أفرغت شوارع تعز من المدنيين وتبقى المقاتلون فقط، لأن القوات الموالية للحكومة فرقت بين من يدعمون ومن يعارضون قوات الأمن. وأشارت التقارير إلى مقتل العشرات كلا الجانبين.
ولكن القتال أدى إلى طريق مسدود. تشكل قيادة أبو العباس أكبر قوة سلفية في إطار المقاومة الشعبية ، فقد لعب دورا رئيسيا في تحرير تعز. تقسم تعز لأحياء سكنية متعددة تبعا لجماعات المقاومة التي تسيطر عليها. ولكن الكتائب الموالية لأبو العباس تسيطر على معظم هذه الأحياء السكنية لأنها حررت مزيدا من الأراضي عندما تم طرد الحوثيون.
وهذا يعني ان معظم تعز تسيطر عليها في نهاية المطاف قوات مواليه للرئيس عبد ربه منصور هادي ، في حين ان المتمردين الحوثيين لا يزالون يسيطرون على أجزاء من المنطقة المحيطة.
لمده ثلاث سنوات كانت السعودية والإمارات تدفع لأبو العباس وقواته المسلحين. ولكن في أكتوبر 2017 صنفت السعودية وحلفاءها في الخليج وقطر والولايات المتحدة الامريكية انه من مؤيدين للقاعدة والدولة الاسلامية.
حيث يسيطر الآن على معظم الطرق الرئيسية داخل وخارج تعز ، فضلا عن معظم المؤسسات العامة ، من المحاكم والسجون ومخافر الشرطة إلى المدارس والمستشفيات وبعض المعسكرات العسكرية غرب تعز. ومقاتلوه ، المعروفون بشجاعتهم ، قدموا مقاومة قوية ، حيث نشروا بنادق الكلاشنيكوف ، والقذائف والدبابات أكثر من الآخرين.
وقال مصدر في قياده مكتب الأمن الذي تديره الدولة في تعز ، وهو فرع من وزارة الداخلية ، رفض ذكر اسمه خوفا على سلامته "أن أبو العباس والجماعات المتطرفة الأخرى في تعز لها محاكمها وسجونها وانها عاده ما تحمي المجرمين ، خاصة حادثة اغتيال لحود ".
تسيطر حكومة هادي اسميا على الكثير من مدينة تعز، ولكن قوتها بدأت تصبح مجزأة (على حسب ذكر وكالة الانباء الفرنسية). "فكل مجرم له مجموعة تحميه ، ولكننا نحتاج إلى ان يخضع جميع المجرمين لمحاكمة عادلة في المحاكم الرسمية وليس في محاكم الجماعات".
ودعا المصدر سكان تعز إلى دعم الحكومة ضد "العصابات" والصبر حتى استعادت قوات الأمن للمؤسسات العامة.
وقال ان العصابات تطلق قذائف من قلعة القاهرة ، وهي نصب تاريخي يطل علي تعز ، مما ادى إلى مقتل مدنيين.
وأضاف "لكني أعد اليمنيين بان هذه العصابات تعيش أيامها الاخيرة في تعز وبعد ذلك سيعودون إلى مكانهم المناسب في السجون".
وأضاف ايضا أن لهذه الجماعات محاكمها الخاصة التي تصدر احكاما غير قانونية، بما في ذلك عقوبة الإعدام.
وأضاف "يجب معاقبتهم على مثل هذا السلوك. والقوات متوازنة بالتساوي ولكن المقاتلين التابعين لأبو العباس وأنصاره يعتبرون أنفسهم جزءا من الحكومة وقالوا ان قوات الأمن لا ينبغي ان تعاملهم علي انهم "عصابات" لأنها تسير ضد تحالفهم.
وقال عبد السميع ، وهو مقاتل بكتائب موالية لأبو العباس: "لقد كنا نحارب الحوثيين منذ اليوم الأول من الحرب على تعز وحررنا معظم مدينة تعز بينما كان هذا المحافظ الجديد يعيش في كندا ، واليوم جاء ليتهمنا بالفوضى. ويعرف جميع اليمنيين دور كتائب أبو العباس في تحرير تعز. ونحن لم نحمي اي مجرمين: وانما نعتقل المجرمين ونحتفظ بهم في السجون لأن قوات الأمن تطلق سراحهم ".
وشكك عبدالسميع في ان بمسئولية المشتبه بهم بقتل لحود وقال ان قوات الأمن وجهت اتهامات عشوائية دون اي دليل". "واعتقلت قوات الأمن بعض الأشخاص الأبرياء حتى يمكنهم القول بأنهم ألقوا القبض علي المشتبه بهم ، بينما فر القتلة بالفعل من المنطقة. نحن جزء من الحكومة. إذا كان المشتبه بهم تحت سيطرتنا سنبقيهم في السجن".
وقال عبد السميع انه كان هناك اتفاق على الجهة المسؤولة عن المكان وانه إذا أراد المحافظ إعاده التفاوض بشان هذا الأمر ، لكان عليه ان يدعو إلى عقد اجتماع". وأضاف "انه يريد تدمير تعز مهما حدث ، فإن سكان تعز هم معنا وضد المحافظ الجديد لأنهم يعرفون دورنا بشكل جيد جدا. سنبذل قصارى جهدنا لتجنب القتال في المناطق السكنية ، ولن نسلم أي مؤسسة لهذا المحافظ ".
القوات المتواجهة متوازنة بالتساوي علي الأرض. وتدعم الكتائب الموالية لأبو العباس من قبل مجموعات أخرى ، بما فيها بعض القوات الأقوى في تعز ، مثل كتائب حسم التي تقاتل لأسباب دينية.
ومن الجانب الآخر ، تدعم قوات الأمن مقاتلون من حزب الإصلاح ، وهو اسم لجماعة الاخوان المسلمين في اليمن ، المتمثلة باللواء 22 ميكا.
وقد اتهمت مليشيات الحوثي - الذين يعارضهم الجميع في تعز وتدعمهم إيران - المقاومة الشعبية بأنهم أعضاء في تنظيم القاعدة والدولة الاسلامية، على الرغم من نفي الحكومة. وهذا سبب أن العديد من المحللين السياسيين لا يعتقدون ان قوات الأمن يمكن ان تضرب السلفيين. وحتى لو فعلوا ذلك ، فانهم سيحتاجون إلى دعم السلفيين إذا أرادوا ان يسيطروا على الحوثيين. ويخشى العديد من المحللين والأكاديميين والصحفيين في تعز من التحدث ضد اي مجموعة، بالنظر إلى عدد التهديدات بالقتل وتواتر الاغتيالات.
وقال أحد المحللين السياسيين في جامعه تعز ان الجميع يعلمون ان أبو العباس لعب دورا مركزيا في تحرير المدينة ولكنهم يدركون أيضا ان السلفيين وغيرهم من الجماعات يديرون محاكم وسجون خاصة بهم.
وأضاف المحلل السياسي من جامعه تعز "ان كتائب أبو العباس هي حجر الزاوية في محاربة الحوثيين لان لديهم اقوى المقاتلين" . "ستقوم قوات الأمن بالاستيلاء على المؤسسات العامة بسهولة". وأضاف "إذا انسحب أبو العباس من المؤسسات العامة الخاضعة لسيطرته ، فانه سينسحب أيضا من ساحات القتال. ولن تتمكن قوات الأمن من محاربة الحوثيين وحدهم ، سيكون من الأسهل للحوثيين السيطرة على تعز".
وقال ان المحاكم والسجون غير القانونية قد ملأت فراغا في المدينة خلال السنوات الثلاث الماضية وأصبحت في حالة تطبيع ، ولكن القتال لم يكن السبيل لأعادتهم تحت السيطرة العامة".
وقال "يجب ان تكون هناك مفاوضات مع كافة المجموعات الموالية للحكومة لتسليم المؤسسات العامة إلى الحكومة". "والا ستكون هناك فوضي في المدينة التي لن تخدم الحكومة ولا جماعات المقاومة.
وقال "كل ما نريده هو السلامة". "أدعو الأطراف المتحاربة إلى النظر في معاناتنا ووقف القتال. قد فررنا بالفعل من منازلنا في المدينة مرتين خلال السنوات الثلاث الماضية. لا أريد ان اهرب من منزلي مجددا.
المصدر: Middle east eye