القانون والأعراف إعاقة إضافية للنساء ذوات الإعاقة

عبير محسن صحفية وعضوة شبكة أصوات السلام النسوية كانت إعاقتها مزدوجة ومعقدة، ومع ذلك كانت كل أعمال المنزل الخفيفة والثقيلة تُلقى عليها ولطالما عملت دونما أي اعتراض. عندما تزوجت لأول مرة ظنت أنه ستنتهي من كل هذا العذاب ولكن زوجها كان أسوأ، فلم يكتفي بتحميلها أعباء لا تستطيع حملها ولكنه أيضًا كان يعنفها لفظيًا وجسديًا. كانت هند –اسم مستعار-محظوظة إذ لجأت لنا واستطعنا أن نخلصها من زوجها السابق ولكن هناك آلاف من مثيلات هند يقبعن منازل خيم عليها الظلم والقسوة ويدفعن ثمن لا ذنب لهن فيه سوى أن القدر أراد لهن الاختلاف ولكن أهاليهن ومجتمعاتهن لم يقبل لهن. هذه قصة واحدة من قصص نادرة جدًا إذ أن الإبلاغ على العنف الأسري يعتبر عار وعيب كبير قد يهين المبلغة عنه ولذلك يحجمن النساء اليمنيات غالبًا عن الإبلاغ، ولكن النساء ذوات الإعاقة فإن مشكلتهن مركبة إذ أنهن أولاً لا يملكن الوعي الكامل بأن هذا يتعارض مع حقوقهن وكرامتهن كإنسان، فالتعليم والنقاش وغيره من الحقوق ممنوعة عليهن وغير ذلك فإنهن لا يملكن كامل قوتهن أو حتى حريتهن فيعتمدن على أسرهن في الحركة بمختلف أشكالها. لا إحصاءات كان من الغريب جدًا ألا نجد أي إحصائية تحدد ولو بشكل تقريبي عدد النساء المعنفات من ذوات الإعاقة ولكننا تفهمنا السياق المجتمعي والعادات التقاليد التي تحجب مثل هذه المعلومة ولكن الأكثر غرابه هو عدم وجود إحصائية تحدد أساساً عدد ذوي الإعاقة من النساء أو الرجال حتى بعد الحرب التي ضاعفت الرقم بفعل الألغام والقصف وغيره من أساليب الحرب التي تدمر الإنسان. تقول رجاء المصعبي، رئيس المؤسسة العربية لحقوق الانسان -في حديث خاص-رغم وجود مؤسسات تعمل باسم الأشخاص ذوي الإعاقة، إلا أننا لا نجد بيانات حول الأشخاص ذوي الإعاقة ككل، وهذا بحد ذاته يضعف من الخدمات التي تقدمها المنظمات أو المؤسسات لهم لأنهم لا يعرفون كم عدد المستفيدين الذي يفترض أن تشملهم هذه المبادرة أو تلك. ذهبنا في إحدى المرات للمركز الوطني للإحصاء وأعطيناهم استمارة تشمل " الأسم، العمر، نوع الإعاقة، سنة الإعاقة سبب الإعاقة، جهة الخدمة ونوع الخدمة التي تقدمها. وطلبنا منهم الرصد ولكنهم اعترضوا على ادراج كبار السن ضمن القامة، ثم بعد ذلك كان اعتراضهم على جهة الخدمة ونوعها وعدة عراقيل من ضمنها عدم وجود فريق متخصص أو حاصل على تدريب للعمل في هذا المجال والنتيجة كان التعداد والاحصاء غير حقيقي أو مهني حيث أنه خرج ب 3.4 بينما الصندوق الاجتماعي للتنمية بعدها بخمسة أشهر في العام 2005 قام بعمل مسح للأسرة وخرج بأن عدد المعاقين 16.7. تضيف المصعبي. في العام 2016 قامت أسرة سمية –اسم مستعار-وهي ذات إعاقة حركية، بقتلها لأنها تزوجت بشخص رفضوه .. يحدث ذلك كثيراً في اليمن باسم "جريمة شرف" ولكن المؤلم أنه لم يتم التحقيق في الجريمة ولم يتفاعل معها الناشطون ودفنت سمية ظلمًا ولم يذكرها أحد أو يأخذ بحقها. القانون معيق يتنوع أشكال العنف الذي تتعرض له النساء ذوات الإعاقة بين الجسدي واللفظي بحسب دراسة أجراها المنتدى اليمني للأشخاص ذوي الإعاقة في العام 2017 والتي انحصرت في النساء النازحات من ذوي الإعاقة. وقد ذكرت الدراسة التي استهدفت 280 امرأة نازحة من ذوات الإعاقة السمعية والبصرية والحركية، من محافظات الحديدة و إب والضالع وعمران وأمانة العاصمة، أن هنالك أن حوالي 59.3% من النازحات اليمنيات المعاقات يتعرضن للعنف بمستوى متوسط ومرتفع مقابل 40.7% ممن يتعرضن للعنف بمستواه المنخفض. وهنا ندرك أنه حتى نسبة المستوى المنخفض لا تُعدّ نسبة ضئيلة بل تعكس حقيقة أننا أمام مشكلة كبيرة وخطيرة جداً، تستدعي التدخل السريع من قبل الأسرة والمجتمع والدولة والمنظمات الدولية من أجل إنقاذ هذه الفئة أثبتت الدراسة ان النازحات من ذوات الإعاقة يتعرضن للعنف النفسي بنسبة 64.3%، يليه العنف اللفظي بنسبة 62.75%، ثم العنف الجسدي بنسبة 50%. وفي حديث خاص قال لنا حسن إسماعيل مدير المنتدى أن الدراسة انحصرت في النساء النازحات لصعوبة تنفيذها على نطاق أوسع وكذلك من أجل وضع حد لتفشي ظاهرة العنف الموجه للنازحات من ذوات الإعاقة في المجتمع اليمني الذي يتعامل مع المرأة بدونية وتتضاعف هذه الدونية عندما تكون هذه المرأة من ذوات الإعاقة. ويؤكد الأستاذ حسن أن صعوبة إجراء مثل هذه الدراسات تكمن بسبب تهميش الأشخاص ذوي الإعاقة بشكل عام على المستوى الحكومي ومنظمات المجتمع المدني، ومعظم المنظمات العاملة تقوم بتوفير خدمات محدودة بشكل رديء وكأنها تتسول باسمهم بينما المنظمات الحقوقية والتنموية المتخصصة للأشخاص ذوي الإعاقة محدودة جداً. ورغم أن اليمن كانت أول دولة عربية تحضر الستة الاجتماعات لمناقشة مسودة اتفاقية الأشخاص ذوي الإعاقة وكانت من أوائل الدول الموقعة على الاتفاقية إلا أنه لا يوجد قانون ينصف المرأة في اليمن، كيف سيكون وضع المرأة المعاقة؟ لعله من الواضح أن العنف والاضطهاد الذي تعاني منهما المرأة اليمنية ذات الإعاقة مركب، ويعدو الأمر بشكل كبير لمدى وعي الأسرة فرغم كل السوداوية التي بدت طاغية على حياة هؤلاء النساء، استطعن ثلة منهن النجاح والوصول إلى مراتب عليا من العلم والعمل والمكانة الاجتماعية وكن مؤثرات ومساعدات في نقل واقعهن للعالم بعد أن تعامل معهم الكثيرون بدونية ولم يلتفتوا لمعاناتهم التي ضلت حبيسة الصمت لفترات طويلة. ويمارس العنف ضد النساء ذوات الإعاقة بمختلف أشكاله بحسب العقليات، الثقافة، الوعي، القوانين، التشريعات والأعراف وهذا كله يسبب إعاقة للمعاق وتسبب كذلك عنف ضدهم سواء ذكور أو إناث. بحسب الأستاذة المصعبي فإن اليمن كانت من ضمن أول عشرين دولة توقع على اتفاقية الأشخاص ذوي الإعاقة فهذا يعطيها امتيازات يخولها الحصول على دعم مادي ولكن مجلس النواب اليمني كان السبب في تأخر الموافقة على الاتفاقية بدون سبب وجيه حتى دخلت الاتفاقية حيز النفاذ وتم حرماننا من الحصول على هذا الدعم الذي كان من شأنه عمل الكثير للأشخاص ذوي الإعاقة في اليمن. قالت منظمة العفو الدولية في تقرير جديد نُشر بعنوان: "مستبعدون: حياة الأشخاص ذوي الإعاقة وسط النزاع المسلح في اليمن"، وذلك بمناسبة اليوم العالمي للأشخاص ذوي الإعاقة (الذي يوافق 3 ديسمبر/كانون الأول). إن ملايين الأشخاص ذوي الإعاقة في اليمن كانوا من أكثر الفئات تعرضاً للإقصاء في غمار الأزمة اليمنية التي توشك الدخول في عامها السادس ويُعتبر التقرير محصلة ستة أشهر من البحوث التي أجرتها المنظمة، بما في ذلك زيارات لثلاث محافظات في جنوب اليمن، ومقابلات مع حوالي 100 شخص، وهو يوثِّق حالات 53 من النساء والرجال والأطفال ذوي الإعاقة على اختلاف أنواعها. ----------- هذه المادة أعدتها شبكة أصوات السلام النسوية بالشراكة مع تحالف مجموعة التسعة وهيئة الأمم المتحدة للمرأة ضمن حملة 16 يوم لمناهضة العنف ضد المرأة. #UNWomen #WoVoicesofPeace #GroupofNineCoalition #Endviolenceagainstwomen #VAW
إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص