أثارت معلومات مؤكدة، بشأن اتصالات حوثية مع مسؤولين في المملكة العربية السعودية، موجة تصدع حوثي جديدة تدور حول كل من ناطق المليشيا الحوثية المدعو محمد عبدالسلام، والمدعو حسين العزي المعين من قبلها نائبا لوزير الخارجية في حكومة صنعاء غير المعترف بها.
وكشف مصدر أكيد الاطلاع، أن صراعا تولد مؤخرا بين قيادات في المليشيا أقل ارتباطا بإيران عملت على تسليم ملف الاتصال مع السعودية للعزي، وبين قيادات أخرى على علاقة مباشرة بإيران خارج الدوائر الرسمية الحوثية، تساند عبدالسلام في مسعاه للاستحواذ على الملف.
وأكد المصدر أن طهران تمارس عبر قنواتها الاتصالية ورجال في الحرس الثوري بصنعاء ضغوطا كبيرة مؤيدة لعبدالسلام، الذي استطاع خلال تواجده في الخارج منذ سنوات إقامة ارتباطات مباشرة مع مسؤولين في العاصمة الإيرانية.
إضافة إلى المساندة الإيرانية المباشرة لعبدالسلام، فإنه يراهن في وسط المليشيا على نفوذه في وسائل الإعلام التابعة والمتعاونة مع الحوثيين، وعلى الجناح العسكري العقائدي المرتبط بقيادات الحرس الإيراني. وفقا للمعلومات.
بالمقابل يعتمد تيار العزي على الجناح السياسي للمليشيا الممثل في مكتبها السياسي، وقيادات عسكرية من الجيش السابق انخرطت مع المليشيا، وعلى المجاميع الحوثية الأقل ارتباطا بطهران والمعتدلة من الناحية العقائدية، خصوصا من القيادات الدينية والاجتماعية الزيدية المتماهية مع المليشيا في فترة ما بعد أزمة 2011.
وأشار المصدر إلى أن التيار المناصر للعزي، يعتقد بقدرة الأخير على تحقيق نتائج إيجابية في التواصل مع المملكة السعودية، نظرا لعلاقته وأقربائه بمن فيهم والده مع بيت حميد الدين التي حكمت اليمن باسم الإمامة خلال أزيد من نصف القرن الماضي، وكذا دراسته الجامعية في المملكة الأردنية لسنوات وإمكانية لعب عمّان دورا في تقريب وجهات النظر خاصة وأنها احتضنت جولات في مفاوضات الأسرى بين الحوثيين والحكومة اليمنية.
كما يراهن هذا التيار على قدرته في التأثير على زعيم المليشيا عبدالملك الحوثي الذي يحتاج في ظل حالة تصاعد التضييق الدولي على شبكات تهريب السلاح الإيراني والاستنزاف العسكري والشعبي والسياسي الذي تعانيه مليشياته لتحالفات قوية ضمن المجموعات الأسرية لأدعياء السلالة الهاشمية بمقدور بيت حميد الدين الإسهام في توفيرها له داخليا، وتلطيف الأجواء مع المملكة.
علق مراقبون على ذلك بالتنويه إلى أن بيت حميد الدين دخلت لتعزيز نفوذها في الوسط الحوثي، لتنقل الصراع السلالي في المليشيا إلى مستوى جديد قادر على تعميق وتوسيع شروخ سابقة بين ما يعرف في الشارع اليمني بسلاليي صعدة وحجة من جهة وسلاليي المناطق الأخرى بالأخص صنعاء وذمار أو ما يطلق عليهم سلاليو “الطيرامانات” المتسمون إجمالا بالاعتدال وتغليب الحلول السياسية على العسكرية.
وأردف المراقبون أن الصراعات البينية الحوثية السابقة كانت ذات طابع مناطقي وإيديولوجي متطرف ومعتدل، وسلالي وغير سلالي، وعسكري وسياسي ومتعلق بملفات النفوذ والثروة في الداخل، إلا أن الصراع الآونة الأخيرة انتقل إلى التيار السلالي الصعدي ذاته، الأوفر سلطة في مكونات المليشيا، غير إحداثه تصدعا في الدائرة والنشاط السياسي وروافده العسكرية والأمنية وفي ملف خارجي قابل للتأثير حتى على الارتباط العام للمليشيا مع طهران، ويعزز الصراع السياسي الداخلي لبعض الملفات في نفس التيار السلالي الصعدي الأقوى، كما برز قبل أيام في انتقادات حادة أطلقها المدعو يحيى الحوثي شقيق زعيم المليشيا.
وفي سياق ذي صلة قال المراقبون إن من الصعب فصل التواصل الحوثي مع المملكة العربية السعودية عن جولات المفاوضات الاستكشافية بين المملكة والراعي الإيراني للمليشيا. موضحين أن هناك احتمالية كبيرة لإعطاء طهران ضوءً أخضر لتكوين الحوثيين هامشا خاصا للتحرك في الملف الخارجي، على أن يظل تحت أعينها وفي إطار أجنداتها السياسية، حسب ما يؤكده الضغط الإيراني لسحب الملف إلى التيار الحوثي الأشد ارتباطا بها، والذي يعد محمد عبدالسلام أبرز الوجوه السياسية لهذا الارتباط.
غير أن المراقبين استبعدوا، سواء بقي ملف التواصل مع المملكة بيد تيار العزي أو عبدالسلام، استقلال القرار الحوثي الخارجي عن إيران بسبب جماعات الضغط الحوثية المرتبطة بإيران مباشرة، وامتلاك طهران أوراق الاحتياج الحوثي لاستمرار الدعم التسليحي والتقني والاستشاري والمالي والاستخباري، وغيرها من أوجه المساندة الإيرانية.