تأكيدًا على أن حادث التدافع أواخر شهر رمضان الماضي والذي راح ضحيته أكثر من 80 شخصًا، كان مدبرًا من قبل المليشيا الحوثية، أحكم الحوثيون سيطرتهم على أموال الزكاة، وباتت “الهيئة العامة للزكاة” التابعة لهم هي الجهة الوحيدة التي تتحكّم في جبابة الزكاة سواء من المؤسّسات والهيئات الحكومية أو القطاع الخاص أو التجّار أو الأفراد.
ويجني الحوثيون مليارات الريالات سنويًا من أموال الزكاة عبر الهيئة التي يرأسها شمسان أبو نشطان، إلا أن الهيئة تزعم إنفاق معظمها في مشاريع مثل زكاة الفطر والغارمين ودعم أسر قتلاهم وجرحاهم ومقاتليهم وأسراهم ودعم المراكز الصيفية الطائفية.
وأطلقت الهيئة التي أنشأها الحوثيون عام 2018 بدلاً من الإدارة العامة للواجبات الزكوية في صنعاء والمحافظات والتابعة لمصلحة الواجبات سابقاً، في رمضان مشروعي زكاة الفطر والمساعدات النقدية لـ 700 ألف أسرة مستفيدة في مناطق سيطرتهم، وزعمت أن تكلفة المشروعين تقدّر بـ 14 مليار ريال.
وأنشأ الحوثيون “الهيئة العامة للزكاة” كهيئة حكومية مستقلة تتبع ما يسمّى رئيس “المجلس السياسي الأعلى”، وتعنى بجمع الزكاة وإنفاقها، لإحكام سيطرتها على مورد الزكاة وإنفاقه دون أي رقابة تنفيذية أو تشريعية أو قضائية.
وأصدر الحوثيون عام 2020 لائحة تنفيذية مستحدثة لقانون الزكاة رقم 2 لسنة 1999، فرضت فيها نسبة الخمس (20%) على الثروة المعدنية، وتشمل المعادن والنفط والغاز والذهب والفضة والنحاس والجير والماء والحجارة والملح والرمل (النيس) والرخام والأسماك واللؤلؤ والعنبر والعسل، لما وصفهم بـ “ولي الأمر” و “فقراء ويتامى ومساكين بني هاشم”.
واعتبرت المنظّمات أن قرارات الحوثي التمييزي، والذي يهدف إلى استخراج المزيد من الأموال من اليمنيين، وتخصيص تلك الأموال لفئة من اليمنيين على أسس سلالية، مرفوض ومدان ويجب إلغاؤه فوراً، موضحة أن هذا القرار يأتي في وقت يشهد فيه الوضع الاقتصادي والإنساني انهيارًا كبيرًا، وخصوصًا في ظل عدم دفع رواتب مئات الآلاف من الموظّفين الحكوميين، وسيكون لهذا القرار آثار خطيرة على السلم العام.
وكشف تقرير فريق الخبراء المعني باليمن التابع للأمم المتحدة (لجنة العقوبات) أن الميليشيا الحوثية تمارس سيطرة فعلية على جمع الزكاة واستخدامها وإدارتها، بما في ذلك لتمويل جهودهم الحربية وعملياتهم العسكرية، ما يحرم السلطات المحلية من مصدر الإيرادات هذا.
وأكد التقرير الذي قدّم إلى مجلس الأمن الدولي في فبراير 2023 أن الميليشيا تحصل على موارد مالية كبيرة بفرض الزكاة على العديد من الأنشطة الجديدة، تقدّر بنحو 25 مليار ريال في السنة.
وأوضح التقرير الأممي أن كل فرد وكيان تقريباً في اليمن يدفع الزكاة خلال شهر رمضان. وأضاف أنه خلال شهر رمضان ينشر الحوثيون ممثّليهم لجمع الزكاة من أصحاب المتاجر والتجّار والكيانات التجارية، ومع ذلك كان استخدام الزكاة يكتنفه قدر كبير من الغموض، إذ أن “الهيئة العامة للزكاة” التي يديرها الحوثيون تزعم أن أموال الزكاة تستخدم لمختلف الأنشطة الإنسانية، غير أنه يبدو أن بعض تلك الأنشطة مرتبطة بتمويل ما يسمّى “المجهود الحربي”.