يناكف وزير الأمن القومي الإسرائيلي إيتمار بن غفير ورئيس الوزراء بنيامين نتنياهو بعضهما، ولكن لكليهما هدف واحد وهو بقاء الحكومة الحالية.
ويستغل زعيم حزب "القوة اليهودية" اليميني المتطرف بن غفير حاجة نتنياهو إليه لبقاء الحكومة، ليحقق مطالبه الكثيرة.
ويدرك نتنياهو حاجته إلى بن غفير من أجل الإبقاء على حكومته لا سيما مع اقتراب التصويت الحاسم بالكنيست (البرلمان) على ميزانية الدولة.
وأمام الحكومة حتى التاسع والعشرين من مايو/ أيار الجاري لنيل تصديق الكنيست على الميزانية وإلا فإنه يتم حل الكنيست وتحديد موعد انتخابات مبكرة.
مطالب بن غفير
وتحديدا مع اقتراب الموعد، أعلن بن غفير ونواب حزبه مقاطعتهم للتصويت في الكنيست لحين استجابة نتنياهو لمطالبهم.
وعارض بن غفير علنا عدم شن الحكومة الإسرائيلية عملية عسكرية واسعة في قطاع غزة والضفة الغربية وقرار وزارة الدفاع، مؤخرا، الإفراج عن جثامين قتلى فلسطينيين.
في الوقت نفسه طالب بن غفير بعودة سياسة الاغتيالات لنشطاء فلسطينيين وتمرير قانون حصانة الجنود الإسرائيليين من المحاكمة وتصعيد هدم المنازل الفلسطينية بمدينة القدس الشرقية.
ولكن الأهم بالنسبة لبن غفير هو استبعاده من الاجتماعات الأمنية التي يعقدها نتنياهو.
ولذلك فهو أشار، في تصريح للصحفيين الأربعاء، إلى أنه ليس "ديكورا" في الحكومة، مضيفاً في رسالة إلى نتنياهو "يمكنك طردي".
وأضاف: "إذا لم أبدأ بالمشاركة والتأثير في الاجتماعات الأمنية، فسوف أتوقف عن الحضور إلى التصويت من الآن فصاعدًا"، ليقاطع منذ ذلك الوقت اجتماعات الكنيست.
وكان حزب "الليكود" الذي يقوده نتنياهو، قال في بيان استثنائي ذلك اليوم، إن "رئيس الوزراء هو الذي يقرر من هم الأطراف المعنية في المناقشات. إذا كان هذا غير مقبول على الوزير بن غفير فلا داعي لبقائه في الحكومة".
ولدى حزب "القوة اليهودية" 6 من 64 مقعدا (للائتلاف الحكومي) في الكنيست المكون من 120 مقعدا، ما يعني أن عدم تصويته لصالح الميزانية سيؤدي إلى سقوط الحكومة.
لا خطر على الحكومة
ومع ذلك قالت القناة الإسرائيلية "12"، مساء الأحد، إنه "على الرغم من تصريحات رئيس الوزراء ووزير الأمن القومي، لا يبدو أن التحالف في خطر داهم، ويعود ذلك، من بين أمور أخرى، إلى حقيقة أن كلا الجانبين ليس لهما بدائل".
وأضافت: "قيم مكتب رئيس الوزراء حتى قبل الانتخابات أن بن غفير هو الذي قد يشكل خطرا على الائتلاف، وهذا في نظرهم بسبب الفجوة بين وعوده وبين ما يستطيع هو أو أي حكومة تحقيقه، حتى لو إنها حكومة يمينية كاملة".
وليس ثمة رضا في حزب "الليكود" عن استمرار تصرفات بن غفير.
وقال وزير العلوم الإسرائيلي من حزب "الليكود" أوفير أكونيس، لهيئة البث الرسمية، الاثنين: "أقترح على بن غفير عدم التصرف بشكل طفولي، المقاطعات ليست من أساليب العمل الحكومي".
مواقف بن غفير جاءت في وقت أظهرت فيه استطلاعات الرأي العام في إسرائيل عدم الرضا عن أدائه وتأييد قطاعات واسعة طرده من منصبه.
في المقابل، تشير استطلاعات الرأي العام إلى ارتفاع شعبية حزب "الوحدة الوطنية" المعارض برئاسة وزير الدفاع السابق بيني غانتس.
ويقول مراقبون إسرائيليون إنه حال موافقة غانتس على الانضمام إلى حكومة نتنياهو فإن بن غفير سيجد نفسه خارج الحكومة.
غير أن غانتس قال مرارا في الأسابيع الأخيرة إنه لا يعتزم الانضمام إلى حكومة نتنياهو.
وليس من الواضح ما يمكن لنتنياهو أن يقدمه لبن غفير، وإن كانت وسائل إعلام أشارت إلى استعداده لتمرير قانون إعدام الأسرى الفلسطينيين المدانين بقتل أو محاولة قتل إسرائيليين.
مخاوف بن غفير من غانتس
وقال يوناثان فريمان، أستاذ العلوم السياسية بالجامعة العبرية: "أعتقد أن هناك صلة ما بين ارتفاع شعبية غانتس في الاستطلاعات ومخاوف بن غفير من أن نتنياهو سيجلب قريبا غانتس للحكومة، أو استبدال بن غفير بغانتس".
وأضاف فريمان للأناضول: "منذ تشكيل الحكومة نهاية العام الماضي نسمع الكثير من التصريحات من حزب بن غفير ولكن عندما يتعلق بالفعل فإن هناك فارقا كبيرا بين ما يريدون وما يحصلون عليه فعلا".
وتابع: "بن غفير يخشى من أنه لن يكون لديه ما يبرزه لقواعده في حال جرت انتخابات علما بأن الاستطلاعات تظهر انخفاضا في شعبية حزبه".
ورأى فريمان أن عواقب ما يجري "هو استمرار التصريحات ومقاطعة التصويت في الكنيست وهو ما يدفع باتجاه إمكانيتين، أولا: انضمام حزب غانتس ومغادرة حزب بن غفير، وثانيا: الانتخابات فعدم تمرير الميزانية يعني سقوط الحكومة والتوجه إلى انتخابات".
فجوة ثانية
ولاحظ فريمان أن حزب "الصهيونية الدينية" اليميني المتطرف بقيادة وزير المالية بتسلئيل سموتريتش لم يدعم بن غفير في موقف الامتناع عن التصويت في الكنيست.
وقال: "من المثير أن سموتريتش لا يدعمه رغم أنهما خاضا الانتخابات على قائمة واحدة وهو ما يظهر فجوة ليس فقط بين بن غفير والحكومة ولكن أيضا بين بن غفير وسموتريتش".
وأضاف: "يتعين أن نراقب ما يمكن لنتنياهو أن يقوم به من أجل إقناع بن غفير بالتصويت وخاصة لميزانية الدولة وذلك من خلال تقديم شيء لبن غفير يظهره لقاعدته على أنه إنجاز".
واعتبر فريمان، أن "تنامي شعبية غانتس وحزبه هو مصدر قلق لنتنياهو ويمكن أن يؤثر على علاقاته مع بن غفير".
وقال: "من مصلحة نتنياهو وبن غفير بقاء الحكومة، هذه هي المرة الأولى التي يتولى فيها بن غفير وأعضاء من حزبه مناصب وزارية وهو لا يريد أن يخسر ذلك وكذلك مقاعده بالكنيست".
وأضاف فريمان: "نتنياهو يريد منه، من أجل بقاء الحكومة، أن ينزل عن الشجرة وأن يعود للتصويت في الكنيست".
وتابع: "الأمر الأكثر أهمية الآن لنتنياهو هو الميزانية وهذا قد يقوده لمنح بن غفير شيئا ما على الأقل حتى ما بعد التصديق على الميزانية حتى لا نخوض انتخابات جديدة".
وكانت الحكومة الحالية تشكلت بعد 5 عمليات انتخابية في غضون أقل من 4 سنوات.
وتوصف الحكومة الحالية بأنها الأكثر يمينية في تاريخ إسرائيل.