يشكل قطاع الاتصالات أحد أهم الموارد المالية واللوجستية لمليشيا الحوثي الإرهابية لاستمرار حربها ضد الشعب اليمني، إضافة إلى تسخيرها الاتصالات في جرائمها وانتهاكاتها بحق المعارضين، واستخدامها في الطيران المسير، وصناعة وزراعة الألغام والمفخخات.
ورغم نقل عدد من المؤسسات الحكومية إلى العاصمة المؤقتة عدن بعد الانقلاب الحوثي، إلا أن قطاع الاتصالات والانترنت ما يزال بيد مليشيا الحوثي بشكل كامل حتى الآن، وتحقق الجماعة الإرهابية إيرادات كبيرة من هذا القطاع، فيما ما يزال حجم الأرقام التي تجنيها من وراء هذا القطاع غير واضحة لانعدام الشفافية وغياب المعلومة الرسمية.
وساعد المليشيات في تحقيق ذلك سيطرتها على المؤسسة العامة للاتصالات السلكية واللا سلكية، والشركات التابعة لها، «يمن موبايل» و«تيليمن» و«يمن نت»، وإحكام قبضتها على شركات الاتصالات الخاصة، ما مكنها من تحصيل موارد ضريبية من قطاع الاتصالات العام والخاص، بما يزيد عن 300 مليار ريال سنوياً.
ولا يعد بقاء قطاع الاتصالات تحت سيطرة الحوثيين مورداً مالياً فقط، بل يعطي الجماعة تفوقاً ميدانياً من خلال استخدام سلاح الاتصالات والإنترنت في معركتها العسكرية ضد القوات الحكومية، والشعب اليمني بشكل عام.
تتحصل المليشيات إيرادات من قطاع الاتصالات من مبيعات خدمة الانترنت وخدمات الاتصالات وضرائب الأرباح على شركات الاتصالات العامة والخاصة، ورسوم تجديد التراخيص الخاصة بالشركات الخاصة، إضافة إلى السيطرة الفعلية على إيرادات شركات الاتصالات الخاصة مثل إم تي إن سابقاً وسبأفون وواي، والاستيلاء على أرصدتها وأصولها.
وتتنوع إيرادات المليشيات الحوثية من قطاع الاتصالات من أموال تتحصل بشكل مباشر، وأخرى تفرض على شكل جبايات وإتاوات أو تحويلات أو من بنود تتحايل المليشيات فيها لتوجيه الإيرادات لصالحها.
حيث أظهر التقرير السنوي لشركة يمن موبايل للعام المالي 2021م إجمالي قيمة الأموال التي دفعتها الشركة لمليشيات الحوثي سواءً إلى مصلحة الضرائب أو مصلحة الواجبات الزكوية (الهيئة العامة للزكاة التي أنشأها الحوثيون بمخالفة الدستور والقوانين النافذة).
ومن خلال تحليل القوائم المالية لشركة يمن موبايل للعام 2021م، ظهر أن إجمالي ما تحصلت عليه مليشيات الحوثي والموثق في الحساب الختامي والقوائم المالية مبلغ 83 ملياراً و934 مليون ريال خلال عام واحد ومن شركة واحدة.
وتنوعت الموارد المحصلة من قبل المليشيات من يمن موبايل، بين ستة مليارات رسوم زكوية، و27 ملياراً ضريبة أرباح تجارية وصناعية، و9.3 مليار ضريبة القيمة المضافة، و9.9 مليار رسوم تراخيص لوزارة المالية، و14.8 مليار ريال خدمات مالية ومصرفية، و 16.74 مليار ريال مصاريف فوارق أسعار صرف العملات الأجنبية.
فيما تتجاوز إيرادات الحوثيين من المؤسسة العامة للاتصالات 140 مليار ريال يمني سنوياً (240 مليون دولار أمريكي)، من خدمة الإنترنت فقط، حسب تقارير إعلامية، ما يعني أن سلطة الميليشيا جنت خلال السنوات السبع الماضية 980 مليار ريال يمني من خدمة الإنترنت دون الخدمات الأخرى التي تقدمها المؤسسة.
وبرغم تجاوز عدد المستخدمين في المؤسسة العامة للاتصالات ثمانية ملايين خلال العام 2021 وهو ما يمثل نسبة 27٪ من إجمالي عدد السكان، إلا أن هذه الزيادة في عدد المشتركين لم تنعكس في أرباح ومبيعات المؤسسة بالشكل الرسمي بل تحولت لجيوب قادة الجماعة.
وكانت مليشيا الحوثي، وعبر صحيفة الثورة الخاضعة لسيطرتها، أعلنت قبل أيام عن تكبدها خسائر بنحو عشرة مليارات ريال نتيجة انقطاع خدمة الانترنت لأربعة أيام فقط، بما يؤكد أن المليشيات تتحصل مبالغ مالية باهظة من رسوم خدمات الاتصالات والانترنت.
كما فرضت الميليشيا رسوماً خيالية على شركات مزودي خدمة الاتصالات بهدف احتكار خدمة الرسائل القصيرة لسلطاتها ومصادرتها على القطاع الخاص، وهي الرسائل التي تستخدمها للتحريض على الحرب وطلبات دعم "مجهودها الحربي".
وحسب تقارير اعلامية، فإن سلطة الميليشيا تجني مبالغ خيالية من عائدات المؤسسة التي تحتوي على عدة شركات منها؛ (يمن موبايل، تيليمن، وشبكات الهاتف الثابت واللا سلكي)، كما تستغلها لتنفيذ أجندتها، والاحتيال على المستخدمين.
إضافة إلى الايرادات المحصلة من الشركات الحكومية والخاصة فإن المليشيات تسعى للحصول على إيرادات قطاع الاتصالات المحتجزة في الخارج، منذ انقلابها أواخر 2014، والبالغة 300 مليون دولار.
لم تكتفِ المليشيات بالجبايات المفروضة على شركات الاتصالات، حيث قامت بمصادرة أرصدتها وأصولها قبل الاستحواذ عليها بشكل كامل كما حصل مع شركات سبأفون وإم تي إن وواي.
ويتعمد الحوثيون إصدار التراخيص لفترات قصيرة لبث حالة عدم اليقين لدى الشركات، حيث وصل مجموع إيرادات تجديد تراخيص شركتي سبأفون وMTN خلال العام 2020م إلى 22 مليون دولار.