كيف نبني مدينة قادرة على الصمود في مواجهة الأوبئة
ليس مستغربا أن تحوّل جائحة كورونا العالم خارج منازلنا إلى فضاء مهجور، فلم تكن مدننا الحديثة مصممة للتكيف مع الجوائح. 
إذ وضعت هذه التصاميم في وقت كانت فيه المدن مراكز عالمية مترابطة تجتذب الملايين للعمل أو السياحة وتزدحم شوارعها بالمارة الذين يخالطون ويحتضن بعضهم بعضا دون أن يخشى أحد من انتقال العدوى لكن هذا العالم أصبح شيئا من الماضي، فقد شهد القرن الحادي والعشرين حتى الآن ستة أوبئة، كان أولها متلازمة الالتهاب التنفسي الحاد والوخيم، ومتلازمة الشرق الأوسط التنفسية، وإيبولا، وإنفلونزا الطيور، وإنفلونزا الخنازير، وأخيرا وباء كورونا المستجد وإذا كنا بالفعل دخلنا عصر الأوبئة، فكيف نصمم مدنا تظل آمنة وقابلة للعيش ولا تخلو شوارعها من السكان بمجرد تفشي وباء جديد؟. 
إن المدن تطورت كثيرا عما كانت عليه في الماضي، إذ كانت شوارع المدن أثناء الثورة الصناعية مرتعا للعدوى والأمراض، ولا سيما في لندن ونيويورك وقد أدى تفشي الأوبئة مثل التيفود والكوليرا إلى زيادة الاهتمام بمشاكل الصحة العامة، وأقيمت إثر ذلك شبكات الصرف الصحي.
وأخذت المدن تطبق معايير جديدة للبناء، منها مراعاة الإضاءة والتهوية وتحديد عدد الأشخاص الذين يسكنون الشقة الواحدة وتعالت الأصوات في السنوات الأخيرة للمطالبة بمراعاة القواعد الصحية عند تخطيط المدن  إن المدن لن تصبح مستدامة وقادرة على الصمود في وجه الجوائح إلا إذا صُممت من منظور صحي وهناك نماذج عديدة لمدن صممت للحفاظ على صحة سكانها، إذ أقيمت في سنغافورة الحدائق العلاجية في عام 2016 لتحسين الصحة النفسية للمواطنين. ويتعاون المواطنون في طوكيو مع مصممين معماريين لإقامة مساحات خضراء في أحيائهم بغية تحسين الصحة وعلى مدى القرن الماضي، ارتفعت معدلات الهجرة إلى المدن بحثا عن فرص العمل وللإقامة بالقرب من مراكز الخدمات الأساسية، من طعام إلى رعاية صحية. وأصبح السكن في بعض المدن بفضل التخطيط العمراني أفضل للصحة من السكن في الضواحي أو الريف. إذ لاحظت دراسة في عام 2017 أن معدلات السمنة في المدن في المملكة المتحدة أقل منها في الضواحي.
لكن في المقابل تلعب المدن المزدحمة دورا كبيرا في انتشار الأمراض المعدية، وكلما زادت المدينة مساحة وترابطا مع المدن الأخرى في العالم، زادت سرعة انتشار الأوبئة فيها، ما لم تتخذ الدولة تدابير صحية عامة عاجلة وبما أن الإحصاءات تشير إلى أن 68 في المئة من سكان العالم سيعيشون في المدن بحلول 2050، فإن إعادة تصميم المدن لتصبح قادرة على الصمود في وجه الأوبئة سيصبح ضرورة ملحة في الأيام المقبل
 
حيث تمثل الكثافة السكانية أحد أهم العوامل التي تساهم في انتشار الأمراض المعدية. وفي عام 2002 و2003، كانت بؤرة تفشي وباء متلازمة الالتهاب التنفسي الحاد 
في هونغ كونغ مجمعا سكنيا، يعد من أكثر المناطق اكتظاظا بالسكان في العالم فعلى سبيل المثال محافظة تعز المكتظة بالسكان أصبحت إحدى أهم المشكلات التي تؤرق أهالي مدينة تعز والتي باتت مشهد ثابتا في الأحياء الراقية والفقيرة على حد سواء، في ظل غياب تام للسلطة المحلية فلم يعد غريباً أن يبحر المواطنون بمياه الصرف الصحي وسط تلال من القمامة بشكل يومي  أعاق الحركة في عددا من الشوارع الرئيسية 
في مختلف شوارع مدينة تعز.
ورغم الأضرار الصحية الفادحة التي ستتسبب بها هذه الكارثة للمواطنين إلا أن الجهات المعينة والسلطة المحلية، لم تحرك ساكناً بعد لمعالجة مشكلة طفح المجاري.
مشهد تراه عيناك عشرات المرات بشكل يومي وسط تساؤلات تهكمية واستفسارات شتى من المواطنين تارة يقولون ” متى ستنعم عاصمة الثقافة بالنظافة؟  إلى متى تضل تلال وجبال من القمامة في الشارع؟.
 
أبناء المدينة  تساءلوا عن دور المسئولين والمحافظة في معالجة هذه الظاهرة مع تحول الشوارع إلى مستنقعات مائية أن قضية الصرف الصحي بمحافظة تعز لاقت الكثير من الإهمال واللامبالاة منذ زمن طويل دون إيجاد الحلول المناسبة لها وهو ما دفعها للطفح في كافة الشوارع والأحياء السكنية وعلى الرغم من كثرة المناشدات المجتمعية نستغرب حقاً من صمت الحكومة المطبق حيال معاناة أبناء تعز من طفح المجاري المستمر دون أي تجاوب  من قبل الجهات المعنية  التي تحدث على مرأى ومسمع من الجميع وبذلك تقع تعز  بمأساة حقيقية نعيشها كل يوم أيدي الإهمال أفسدت كل جمال من الممكن أن تراه، في عاصمة الثقافة، بات  المواطن الغلبان يصبح ويمسى وسط “بركة” من مياه الصرف الصحي لتكون بيئة خصبة لانتشار الأوبئة والأمراض”.
إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص