هذه المرة الأولى التي أكتب فيها دفاعًا عن العليمي منذ توليه رئاسة مجلس القيادة، وبعد لقائه الأخير الذي كان موجهًا للمشاهد العربي بصورة عامة والذي اتسم بالحصافة والشفافية والمكاشفة إلى حد كبير مع ثلاثة من كبار الإعلاميين المصريين كأول لقاء يجتمع فيه ثلاثة في لقاء زعيم ولم يكن ذلك إلا اعترافًا مسبقًا بدهاء وعبقرية العليمي القائد الذي لم تشهد اليمن رجلاً بدهائه وحكمته وحنكته وعبقريته التي اتضحت في مدى قدرته على لملمة صفوف الشرعية المهترئة التي تشكلت وفقًا لأجندات وأهداف متباينة كانت قبل مجيئه تشكل أكبر عائق في طريق الشرعية بل وشهدت الشرعية حروبًا طاحنة قبل مجيئه امتدت إلى الأشهر الأولى من حكمه إلا أنه تمكن من نزع فتيل تلك الصراعات وإعادة هيكلة مؤسسات الدولة العسكرية والأمنية على الرغم من كل التحديات وضعف الإمكانات بعد توقف ما تبقى من أهم صادرات الدولة (النفط) الذي كان يغذي مرتبات الشرعية. ما الذي جاء في اللقاء لتتكالب كل هذه الأقلام وهل ما جاء في اللقاء كان هو الدافع الحقيقي لهذا الهجوم ؟! شيء مخجل أن يتصدر إعلاميو الشرعية قبل غيرهم في إثبات ما حاول دحضه في خطابه ومن يستمع إلى اللقاء كمواطن يمني متجرد من انتماءات الجماعات والأحزاب الضيقة سيتسع أفقه ليستوعب أهداف كل ما سرده في هذه اللقاء ابتداءًا من مساعي اليمنيين في إعادة ترتيب مؤسسات الدولة عبر المبادرة الخليجية والحوار الوطني الشامل وصولاً إلى مخرجاته التي وافقت عليه كل الأطراف وكيف بدأ الانقلاب بعد اكتمال صياغة مسودة الدستور اليمني الذي ما فتئت الأمم المتحدة تسعى لبدء الاستفتاء عليه بالتزامن مع مساعي الحل الشامل. تحدث العليمي بشفافية وبمسؤولية رجل الدولة اليمنية الذي يفكر بالمواطن اليمني في صعدة وصنعاء وعدن وتعز والحديدة ومأرب وحضرموت والجوف والضالع وكل محافظات اليمن بمختلف شرائحهم وانتماءاتهم المذهبية والحزبية ولم يقتصر حديثه لإرضاء فئة ضاق بها الأفق حتى رأت أن مواجهة عنصرية الحوثي لن تنجح إلا بعنصرية مشابهة. الدكتور رشاد العليمي مسؤول عن اليمن بكل مكوناته ومعركة الوعي هي معركة الجميع ومعركة المثقف قبل المسؤول في زمن الحرب حتى الوصول إلى مواطنة متساوية تتحقق فيها العدالة الاجتماعية للجميع وتنزاح كل الانتماءات الضيقة من التجاذبات الحزبية الضيقة والجماعات المتشددة إلى رحاب الوطن الكبير اليمن الذي تذوب عند حضوره كل المسميات المصطنعة لأغراض لا تمت للوطن ولا للدين بصلة. تحدث العليمي عن دوافع الانقلاب وكوارث الحرب التي سببتها جماعة الحوثي وحصارها لمدينة تعز كنموذج في الوقت الذي تدعي فيه المواقف الأخلاقية لرفع الحصار عن غزة، بمكاشفة ذكية أمام العالم لكشف الزيف وتبيان الحقيقة خاصة بعد مساعي المخدوعين مما يقوم به الحوثي في البحر متناسين ما يقوم به الحوثي من جرائم بحق اليمنيين. تحدث عن حجم المشاريع المهولة التي قدمتها الشرعية بالرغم من أننا في مرحلة حرب وأن البناء ليس سهلاً كالهدم الذي يمارسه الحوثي في الحرب، تحدث عن بعض المشاريع الخدمية والصحية الهامة للمواطن وأثنى على الداعمين كالمملكة والإمارات وألمانيا كأمثلة نموذجية لمشاريعها التنموية وكنت أتوقع أن يعتب البعض من عدم ذكر الكويت لضيق الوقت على اتساع مشاريعها التنموية في كل المحافظات والمديريات والقرى فهي تحتل المرتبة الثانية بعد السعودية في هذا الجانب وعلى مدار عقود. تحدث عن معاناة الناس وعن آلامهم وآمالهم وعن رغبة اليمنيين بالسلام ومساعي الشرعية في تحقيق ذلك وإصرار جماعة الحوثي على استمرار الحرب، لم يترك شاردة ولا واردة إلا وتحدث عنها .. وتناسى الجميع كل هذا وذهب للتعليق على ما تصريح استصعب على المستمع معرفة دوافعه وأهدافه متناسين موقف العليمي الواضح من جماعة الحوثي ومواجهته لفكرها الهدام منذ نشأتها وإلى اليوم. مشكلة البعض أنه لا يتابع ما يجري من تغيرات حوله وكيف سعت جماعة الحوثي إلى إعادة تقديم مظلوميتها أمام العالم العربي والإسلامي ومناهضي الرأسمالية في الشرق والغرب مستغلة تعاطف الناس مع فلسطين إذ حاولت جماعة الحوثي ادعاء تموضع الشرعية ومؤيديها في صف قوى الاستكبار العالمي التي تنتهك اليوم كل القوانين الدولية وحقوق الإنسان في فلسطين، وأن دوافع مواجهتها ليست سياسية، ولمواجهة هذه الاتهامات الكاذبة بين الرئيس موقف بلدنا الواضح مع فلسطين ضد الاحتلال الإسرائيلي. وأما قوله عن حب آل البيت لله لا من أجل الحكم فهو أذكى تصريح سياسي يفضح ادعاءات الحوثي أمام جماعته ولم استمعتم لخطابات الحوثي ومساعي جماعته ووسائله في شحن وتعبئة التابعين له ومنطقه الذي يستخدمه ستفهمون ما سر قوله أننا نحب آل البيت جميعًا ولكن ليس كما يحاول الحوثي تقدميه حيث يسعى الحوثي لتوظيف الحب من أجل الحكم بالترغيب أو الترهيب.. لقد أوغلت جرائم الحوثي في قلوب اليمنيين وجعلت الغالبية العظمى في اليمن تشمئز من مصطلح "آل البيت" حتى الجماعات الدينية التي كانت ترى ذلك من الدين جعلتها جرائم الحوثي تعيد النظر ألف مرة أمام ذكر هذا المصطلح بل وتتبعه باللعنات.. بينما لو تأملت لما قبل حرب الحوثي ما كان ذلك موجودًا وعليه فقس عند إخواننا المصريين من أعلى هرم السلطة عبدالفتاح السيسي إلى الدعاة والمثقفين والعامة جميعهم يكنون الحب لآل البيت وليس هذا في مصر وحسب بل في كل الدول العربية ويستدل البعض بالأحاديث وتفسير بعض الآيات على الرغم من عدم وجود آية واضحة وصريحة بهذا الشأن وهذه معضلة فكرية يصعب توضيحها لصحفي أو ثلاثة في لقاء، وإلا فإن العليمي أكثر الناس كرهًا للهاشمية السياسية ويستطيع الجميع معرفة ذلك من خلال مسيرته فهو لم ينتظر علي عبدالله صالح وقيادات المؤتمر حتى يواجههم الحوثي لينضموا للشرعية بل كان أول من غادر صنعاء وعلى قناعة تامة بخطر جماعة الحوثي الفكر والسياسي .. فلماذا التهويل والشتائم والتشكيك ؟!! محمد المقرمي 21 نيسان (أبريل) 2024م