إخفاقات النظام السياسي وانهزامية قوى التحرر امام مكونات وقوى الاستبداد الداخلي افرغها من روح المقاومة ، بالإضافة إلى الخوف والقلق من الاقدام على صياغة اسس لنظام دولة مثل اليمن ؛ لم يكن ممكننا نتيجة سطوة وطغيان التركيبة الاجتماعية التي فرضت واقعاً لم يستطع الفعل السياسي تجاوزه ، فأنتجت هذه المعادلة الانهزامية ، مضافا اليها الافتقار للدعوة لقيام نظام يمكن له الاسهام في حل الكثير من المشكلات المعقدة ، والتعلل بعدم ملائمة الظروف لتصحيح الاخطاء في كل مرحلة من مراحل تاريخنا المعاصر .
تصادمت إرادة التغيير مع إمكانية التغيير وكلاهما لم يخرج من غلافه النظري ، ولم تتبلور الارادة والرغبة برؤية واضحة وفق دراسة وافية لتحديد موقف من النظام المنشود وشكله الدستوري .
إن الخطوة الاولى لرسم ملامح دولة الغد تقتضي تحديد موقف فكري من إخفاقات الماضي كمقدمة للانطلاق نحو المستقبل دون البحث عن براءة كاذبة وتنصل من المسؤولية ، والنظر للمستقبل بعين الشعب المتوقفة عليه آماله في الحرية والرخاء ، والايمان بقدراتنا على تجاوز الاخطاء ، والا ننظر إلى المستقبل كمجهول نعاديه ونخشاه ، والتخوف منه بذرائع تزين الماضي وتجمله وتصور الواقع الحالي أكثر امنا ورخاء وحرية .
فالركون على الواقع دون تجاوز مشكلات الماضي ، حتى وان قدمت الوعود بتحقيق مطالب الشعب بالعدالة والحرية وسيادة القانون ، دونما رغبة حقيقية في تبني مشروع المستقبل ، أفقد الثقة بين اطراف العقد الاجتماعي ، لان الوفاء بتحقيق هذه الوعود ولو بجزء منها تعد ضِرب من المستحيل في ظل غياب مفهوم الدولة وشكلها ونظامها السياسي .