فُجِعتُ اليوم مثل الكثيرين غيري بخبر وفاة الأستاذ د عبد الغزيز الدالي وزير الصحة ووزير الخارجية في جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية، ووزير الدولة للشؤون الخارجية في حكومة العام ١٩٩٠م حتى حرب اجتياح الجنوب المستشار السياسي لرئيس المجلس الانتقالي الجنوبي.
الدكتور الدالي من مناضلي ثورة ١٤ أوكتوبر وقائد سياسي من الطراز الرفيع، وشخصية دبلوماسية وإدارية ماهرة ورجل دولة من الطراز الرفيع وقبل هذا وبعده إنان راقي الخلق واسع المعرفة سامي السلوك والتعامل.
لم أتمكن من استقباله عند عودته من النزوح القسري (١٩٩٤ - ٢٠٠٤م) حيث كنت في سفر خارج البلد لكنني زرته إلى منزله في الدائري الغربي بصنعاء، وكان هذا لقائي الَمباشر الأول به، بيد إنني سمعت عنه الكثير وكنت معجبا بتوازنه وهدوئه وكتاباته المتمكنة في صحيفتي الخليج والاتحاد الإماراتيتين، الدالة على دراية وسعة أفق في معرفة تعقيدات العلاقات الدولية وعوالمها المتشعبة والمعقدة.
استقبلني بابتسامته المعروفة النابعة من نقاء نفسه وطيبة روحه، بحفاوة وكأنني صديق من أصدقائه القدامى وتحدثنا بنفوس مفتوحة وصدق خالي من المجاملة في معظم القضايا المتعلقة بالشأن اليمني ونتائج حرب غزو الجنوب وآثارها الكارثية على الوطن والمواطن
قال لي إن النزوح القهري حتى لو كان في ارقى وأجمل وآمن مدن الدنيا يظل علقما لا تزول مرارته إلا بالعودة إلى حضن الوطن.
جمعتنا بعدها لقاءات عديدة منها ودية ثنائية وجماعية، وبعضها رسمية في إطار اجتماعات اللجنة المركزية للحزب الاشتراكي ومؤتمراته الحزبية.
كان د عبد العزيز كنزا من المعرفة والمهارة والأخلاق والصدق والوطنية، وبمرور الأيام كان يزداد ثباتا واصالة وشدةً في الارتباط بقضايا الوطن والإنسان.
لم يركض وراء المناصب والألقاب ولم يتزلف الطغاة او يمتدح المستبدين بل اكتفى براتبه التقاعدي الذي لم يكن يكفي لتسديد فاتورة الماء والكهرباء، وعاد إلى مهنته الجميلة التي بدأ حياته بها، حيث افتتح عيادة لطب الأسنان في عدن التي أحبها وأحببته وبقي فيها حتى آخر يوم في حياته.
وفاة الدكتور الدالي تمثلُ خسارة وطنية كبيرة وسبب إضافي من أسباب الحزن المتكاثر في هذه الأيام.
ولا يسعني في هذا المصاب الجلل إلا ان اتقدم بصادق مشاعر العزاء والمواساة للأخ اللواء عيدروس الزبيدي رئيس المجلس الانتقالي الجنوبي وأعضاء هيئة الرئاسة وكل قيادات وقواعد المجلس، وإلى الدكتور عبد الرحمن عمر السقاف الأمين العام للحزب الاشتراكي، وكل قيادات وقواعد الحزب.
والعزاء موصول للعزيز الدكتور هاني عبد العزيز الدالي والعزيزة أم هاني والزميل عبد الكريم الدالي، وجميع اهل الفقيد ورفاقه وزملائه ومحبيه وذويه.
تغمد الله فقيدنا الغالي بواسع رحمته وأسكنه فسيح جناته.
وإنا لله وإنا إليه راجعون