يُحكم على المرء من خلال الفكر الذي يحمله والدور الذي يوديه في حياته، وليس من خلال ادعاءاته الزائفه عن ذاته المنتفخة وعرقه السامي. بهذه الطريقة فحسب يتوجب على اليمنيين التعامل مع خصومهم التاريخيين في حربهم الراهنة. فالكثير من أتباع الحركة الحوثية ينظرون لقادتهم من منظار ما يدعيه اولئك القادة عن أنفسهم وتمجيد العترة والسلالة والآل وحقهم الإلهي في الحكم.
فيما الواقع الذي يدركه الجميع يقول بانهم مجرد بيدق في المشروع الفارسي، ودعاوى الإصطفاء إنما تخصهم هم ولا يجب أن تنسحب على معتقد اليمنيون المتمثل في حقهم القانوني في إدارة شؤون حياتهم في بلدهم التاريخي بإنفسهم. فليعتقد السلاليون بما شاؤوا، شريطة أن يكون خارج التوظيف الديني لاستغفال عامة الناس وسوقهم إلى محارق الموت لتمرير مشاريعهم السلطوية.
سلك السلاليون كل الطرق وتوزعوا على كافة الأحزاب والمذاهب والملل والنحل سعياً لتحقيق هدف الولاية! لبسوا الأقنعة وتدثروا بالعباءات المختلفة تُقية وتحيُّناً للفرصة، وحتى من هاجر منهم وحمل الجواز الغربي لم تقنعه قيم الدولة المدنية والحقوق الإنسانية والحرية في البلد التي منحته شرف الإقامة والتمتع بكافة حقوق أبنائها.
تحركت تلك الأفاعي والعناكب والعقارب – التي ظننا انها قد انقرضت وانها قد تشربت معاني الجمهورية وهجرت خرافاتها في الإصطفاء - خِلسةً بعد عودة أملها المنشود في السيطرة على رقاب الناس والتسيّد عليهم ونهب ما بأيديهم. وحتى الذين مُنحوا حق شرف الإقامة و الجنسية في بعض دول الجوار بعد قيام ثورة 26 سبتمبر، عضُّوا الأيادي التي امتدت إليهم وأكرمتهم وهاهم يعملون ويُحرضون عليها من خلال دعم الحركة الحوثية التي قام التحالف لكسرها وإخضاعها للحق وإعادتها إلى جادة الصواب، وكذلك تحريك بقايا السلاليين في كل بلدٍ يعيشون فيه ومنها دول الخليج.
شيطان السلطة والتميز والاستحقاق المزيف أفقدهم التفكير الموضوعي الذي تصطدم به الفطرة الإنسانية ولا تقبله، في عالم القرن الواحد والعشرين، وأعمى أبصارهم عن تحليل ورؤية ما يجري ويمارس من حولهم.
فحقيقة الصراع اليوم مع الحركة الحوثية هو سياسي وليس ديني، براجماتي وليس مذهبي، عرقي وليس حقوقي! صنعوا من أنفسهم أبطال افتراضيين ورجال دين ! بعمائم وشيلان مختلفة الألوان، فهم الذين يخطبون ويحكمون وهم المفتون بحسب الضرورة والحاجة. سيفتون اليوم بالجهاد ومشروعية قتل أي يمني معارض لمشروعهم وسيحكمون غداً ببطلانه إذا ما استتب لهم الأمر ونوديَّ بالجهاد ضدهم من خصومهم. وسيحنون رقابهم للقوى الخارجية غداً، التي يدَّعون محاربتها اليوم وسينصاعون لمشاريعها بل سيعرضون عليهم خدماتهم وتمرير مشاريعهم.
استخدموا الديباجات الدينية واستغلوا موجتها الطاغية على قلوب اليمنيين وهم على إستعداد بأن يلقوا بها في البحر بعد التمكن من رقابنا! وحتماً – في مرحلة ما – ستقل كل تلك الصحائف والخرافات بعد استكمال الحشد واستنزاف ما أمكنهم من الدماء اليمنية في حروبهم بل سيعملون على التخلص من كل روافعها السياسية والعسكرية حتى لا يصبحوا عبئاً سياسياً ثقيلاً عليها في المستقبل.
ومن يظن من اليمنين أنه سيبقى على حاله معها في قادم أيامها فهو واهم! وحتى الأُسر الهاشمية لن تنجو من العزل والإقصاء والتنكيل إذ لا بد من تطبيق نظرية التفرد بالحكم وهذا مؤشر لديمومة دورات الحرب والصراع المدمر للأرض والإنسان في اليمن.
سبقتها أيران في سحق كل الحركات الإسلامية والقومية والعلمانية وهي تدعي الإسلام! فهل هي دولة إسلامية فعلاً وتمثل الإسلام وملتزمة بقيمه وتعاليمه أم أنها تدعي ذلك؟ تدعيه ولا شك لأنها رأت أن موجة الإسلام هي الطاغية في محيطها الإقليمي فاستخدمتها لبعث القومية الفارسية من وراء الستار واستعادة امبراطورية فارس البائدة. وعليه فلا يمكن الحكم عليهم من خلال ادعاءاتهم بل من خلال ممارساتهم على الأرض. فهاهم يقفون خلف تفجير بؤر الصراع في كافة المناطق العربية سعياً لتفتيتها حتى يتسنى لهم تحقيق ما أخفته طيلة العقود الماضية.
وتاريخياً، استخدمت الأنظمة الغربية العلمانية ذات السياسة في البحث عن الديباجات الدينية من أي نوع. فتماهت مع موجة الجهاد لتحقيق مصالحها إبَّان الحرب الأفغانية الروسية بل دعمته واستقبلت قادتها في قصورها وتحركت الصليبية في الحرب العراقية وصرح بها بوش الابن في أحد خطاباته علناً دون مواربة.
كما إستخدمت الحركة الصهيونية الزخم الديني اليهودي في الحشد إلى أرض الميعاد وهي علمانية صرفة – فمعظم قادتها المؤسسين كانوا ملحدين لا دينيين ك"تيودور هرتزل" اليهودي الهولندي الذي كان علمانياً من أسرة علمانية حتى آخر واحد فيهم. وعليه نرى يهودي تاجر ليس له علاقة بالدين وشيعي يهودي يلتحف بغطاء الاسلام ومسلم يهودي يتماهى معها لتحقيق غاياته ويهودي سيسلم ويصلى الصبح جماعة وسيقوم بالوظيفة التي قام بها التاجر أو المخبر الاسرائيلي من قبل، وهناك المسيحي الذي تحكمه الصهيونية اليهودية التي تخدم إسرائيل من الداخل المسيحي، وتلك سنن الركوب على نوق وخيول الدين في اليمن منذ أن دخلها حسين الرسي وحتى اللحظة.