المليشيات لا تبني وطناً، والعصابات لا تؤسس لدولة النظام والقانون، والقتلة لا يؤمنون بالعدالة، لأنها تهدد مصالحهم، وتهدم مشاريعهم القذرة، ويدركون أنهم في يوم ما سيقفون أمام المحاكم وليأخذوا عقابهم عن كل عبث وفساد وعن كل قطرة دم، وستكون حبال المشانق أقرب لهم، ففي القصاص حياة للناس، حتى وإن امتدت بهم الحياة.
والطغاة لا يطالبون بالحرية، لأنها تقف أمام تطلعاتهم وأحلامهم، والعابثون يقفون ضد كل من ينادي بحفظ ثروات الأمة، وأموال الشعب، وخيرات الوطن.
فلا بد من إيجاد نظام قائم على العدل ودولة النظام والقانون، ولا بد أن يعمل الجميع على ترسيخ دولة مدنية حديثة التي طال انتظار الشعب لها، واشتاق لها الناس.
ومن عجز عن حماية شارع لا يستطيع أن يحمي ألف شارع، إذا لم يعمل على تقديم صورة جميلة للدولة القوية، وسلطة يعبث بها أطفال لن تعمل على استقرار المدينة التي أنهكتها المليشيات، وعبثت بها الأحزاب، لأن الأحزاب السياسية اليوم بحاجة ماسة إلى إعادة تأهيل وإنعاش ومغادرة حالة الارتهان، والتبعية لجهات متعددة، تاركين الوطن تحت القهر والألم، والمواطن تحت القتل والإرهاب طيلة السنوات الأخيرة.
فالحرب عند البعض عامل ثراء، ومصدر من مصادر الاسترزاق وتقوية نفوذهم الحزبي، وانتظر المواطن المسكين دولة تحميه من اللصوص والقتلة، وتأخذ حقه من المتهبشين، وكان يحلم بدولة تناصره، وقانون يحفظ حقه، وأمن يدافع عنه، وقضاء يجد فيه الإنصاف، ومدينة يرى فيها الأمن والأمان، ووطن يعيش فيه باستقرار.
ولكن سرعان ما تبدد هذا الحلم تحت قائش ناهب صغير فما بالك بأعلى منه رتبة، وذهب الحلم بعيدا، وخاب ظنه وخسر.
سلطة الأمر الواقع في صنعاء تعمل على إحياء مؤسسات الدولة، واستقرار الوضع، ورصف الطرقات، وإعادة تأهيل شبكة الكهرباء، وغرس الأشجار في المدن الرئيسية، في الوقت الذي تقف سلطة الأمر الواقع في شارع جمال بتعز عاجزة عن غرس شجرة في شارع، أو ردم حفرة في المدينة، (بينما المليشيات تواصل قلع الإنسان وإزهاق روحه، وسفك دماء الأبرياء، في كل يوم دون أن تقوم السلطة بواجبها في حماية الأبرياء).
كذلك لم ترفع القمامة من السوائل التي أصبحت تمثل مصدر وباء يهدد حياة المواطنين وأطفالهم.
هناك فشل ذريع في إدارة هذه المحافظة، وفساد في كل مؤسسات الدولة، وحرف مسار التنمية نحو العنف والفوضى وإقلاق السكينة العامة للمواطنبن، وتوسيع دائرة المناطقية المقيتة التي تعمل على إحداث خلل في النسيج الاجتماعي للمحافظة والدفع بها نحو الثارات والانتقام، واشعال معارك جانبية هنا وهناك وكسب عداء مطلق من العالم والإقليم بسبب التصرفات الطائشة من قبل البعض.
حضور المليشيات المسلحة داخل المحافظة سيحد من قدرة السلطة المحلية على بسط نفوذها داخل المناطق التي تسيطر عليها، وسيكون على حساب الجيش الوطني والأمن الذي سيفقد نفوذه في هذه المناطق، لتتنامى حركة المليشيات المسلحة، التي تعمل على خلق الفوضى، ونشر الخوف الرعب، وقطع الطرقات في المدينة..
صون كرامة المواطن، والحفاظ على موارد المحافظة وحمايتها من عصابات السلب والنهب، وإدارة المحافظة ادارة حقيقة تضمن نهضتها والارتقاء بها، وتفعيل دور الجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة، وإحالة ملفات الفاسدين للقضاء، والاهتمام بها بعيدا عن منطق المحاصصة الحزبية التي عبثت بها طيلة الأعوام السابقة، حتى تستعيد دورها السياسي والثقافي، والاقتصادي كونها صمام أمان للجمهورية والثورة..