كنت هناك حين أتى البرابرة، وزحفوا عشرين يوما حتى اسقطوا المدينة واقاموا ممالكهم وطيرماناتهم على أنقاضها، كان ذلك قبل ست سنوات من اليوم..
أتذكر ذلك اليوم كوشم في القلب، كجرح رأسي الذي لا يزال يؤلمني، كرجة اﻷصوات التي تطاردني، اﻷصوات التي لاتنام..
رأيتهم في ذلك اليوم، أعلامهم الخضراء وهي تجوب شوارع المدينة وأزقتها، تدشن تاريخ الدم والاحتراب، واستقدام الغزاة..
يومها نبح كلب أسفل النافذة، لم أفكر حينها بنباحه الحزين وهو يودع قوافل النازحين والهاربين والفارين والعابرين والناجين بأحلامهم ..
في اليوم اﻷلف ما بعد السقوط غير البرابرة خارطة المدينة وبنوا سورا حولها، أراهم كل يوم من نافذتي، لكني لم أعد أسمع صرخاتهم، ﻷني لم أعد أسمع جيدا، فقط أرى أعلامهم الخضراء تخنق سماء المدينة، لكني أفكر بأننا نحن اللامرئيين الذين نعيش هنا، داخل السور، نعرف جيدا وقع أقدامهم حين أتوا، وﻷنه من ذلك اليوم البعيد، أصبحنا نعيش داخل سور المدينة، ونغلق نوافذنا كلما مروا..
يوم حزين !! قالت أمي.
نعم. يوم حزين.
* من صفحة الكاتبة على الفيسبوك