في أول مرة التقيته قال لي:
يا رازحي، ما رايك نتشارك أنا وأنت؟
ولأنني لأول مرة التقيه فقد أحسست بأنه يسخر مني، لكن تبين لي فيما بعد أن الرجل لم يكن يسخر، ولا يعرف لغة السخرية.
في مرة أخرى عرض علي أن أرافقه وأذهب معه إلى روسيا، لكني اعتذرت ربما لأنني كنت قد ذهبت إلى روسيا مرتين أو ربما لخوفي من تهم اليساريين والثوريين وغيرهم من الحاسدين.
إذ لو عرفوا بأني ذهبت مع شاهر عبد الحق إلى روسيا لاتهموني بأني السبب في سقوط النظام الاشتراكي أو لربما اتهموني بتهريب يهود يمنيين إلى إسرائيل عن طريق روسيا!
قال لي الصديق مصطفى نعمان يومها بعد خروجنا من بيته في الحصبة وكنا معا:
-ليش ما تروحش معه وتقضي إجازة العيد في روسيا!
قلت له: ليش أروح أنا معه! ليش هو ما يجيش معي!
قال مستغربا: أين يجي معك!
قلت: القرية وكنت فعلا قد قررت السفر للقرية لقضاء اجازة العيد.
مرة في مقيله بالحصبة وبمناسبة احتفالات شعبنا بثورة 26 سبتمبر سمعته يقول:
-يكذب أي تاجر يقول بأنه بدأ تجارته من الصفر
كلنا بدأنا بقروض اخذناها من البنك اليمني للانشاء والتعمير، لكن بعضهم يرفض أن يعترف.
شاهر عبد الحق شخص في غاية الذكاء يعرف كيف يكسب ثروته وهو يكسب المال بنفس السهولة التي نتكلم بها لكن لا يعني هذا أن المال يأتيه وهو مسترخ على كرسي.. شاهر حتى وهو جالس مع الناس في ديوان المقيل تراه مشغولا وعقله يشتغل.
وفي المرات القليلة التي حضرت فيها مقيله كنت الاحظه يلقي على هذا او ذاك من المنظّرين الحاضرين في ديوانه بالأسئله:
ما رأي الدين في الموضوع الفلاني؟
أو ما هو سبب الخلاف بين السنة والشيعة؟
أو يسال عن سبب الخلاف بين السلطة والمعارضة؟ وبين هذا الحزب او ذاك؟
وكنت أستغرب.
المهم كان يمشع سؤال ويرجم به للوسط أو يوجهه لاحد من أولئك العتاولة الحزبيين والسياسيين في السلطة أو في المعارضة من الذين يترددون على مقيله..
وعندها يتلقف هؤلاء سؤاله ويبدأ النقاش ويحمي الوطيس، لكن شاهر يكون هناك بعيدا عن كل هؤلاء الحزبيين المنظرين والمزعجين والمتحدثين عن كرامات ومعجزات احزابهم في السلطة أو المعارضة.
بيده تلفونه ولاب توبه وعقله يشتغل مثل آلة حاسبة وهم منشغلون في الرد على سؤاله واستفساره.
كنت احيانا اهمس في اذن الشخص القريب مني واقول له: يا له من ذكي شاهر هذا!! انظر اليه كيف شغلهم بسؤاله وراح يتابع تطور اعماله في مختلف البلدان والقارات.
ولكل من لا يعرف شاهر عبد الحق، الحق أقول:
شاهر عبد الحق رجل يمني بسيط من قريتي فيه بساطة القروي، وعلى الرغم من كونه مواطنا عالميا العالم قريته وبيته طائرته يتنقل فيها من بلد إلى بلد الا انك عندما تجلس معه وتسمعه تشعر بانك تصغي لشخص وصل للتو من القرية.
لهجته هي نفس لهجة اهل قريتنا الاعبوس لم تتغير ولم تتبدل وكان وهو يتكلم يثير فيّ حنينا إلى قريتي ويذكرني بكلمات كنت قد نسيتها لكن اكثر ما يثير انتباهك هو انه ليس فيه ذلك الغرور والغطرسة التي قد تلحظها عند رجال المال والاعمال وغيرهما من رجال السلطة وبيته مفتوح تدخله من دون ان يستوقفك احد ويقول لك: من انت؟
إن أكثر ما يحزنني وقد فارق الحياة هو أنه مات قبل ان أقول له شيئاً من تلك المشاعر الطيبة التي احملها له..
فليسامحني.
* من صفحة الكاتب على الفيسبوك