اللواء ركن عدنان الحمادي ..زخات مشرقة من أسفار سيرة قائد

ليس غريباً على الأطفال الذين التحقوا بالمدارس في منتصف سنوات السبعينيات أن يتأثروا أكثر من غيرهم بتلك الفترة، فقد مثلت تلك السنوات أزهى السنوات التي عرفها اليمنيون ممن عاشوا من منتصف القرن الماضي حتى اليوم، فقد كانت تلك الحقبة بمثابة الأمل لملاحقة حياة العصر.

في تلك الفترة شهد اليمنيون أول ملامح التغيير الحقيقي، فبدؤوا يرون شيئاً اسمه دولة أمامهم، حد ما وصفها به أديب وشاعر اليمن الأكبر عبد الله البردوني في مقالة له موجودة ضمن كتابه قضايا يمنية بعنوان "الثورة بين التأسيس والتصحيح".

سبتمبر أسست لدولة لكنها لم تقف على قدميها، ومرت بكثير منعطفات خطيرة، ورغم انتصار الذين أسسوا الدولة في حرب السبعين يوماً على الملكية إلا أن الفساد استشرى، وأوشكت الدولة على إعلان فشلها، ولم ينقذها من ذلك الإعلان سوى الحركة التي عرفت بحركة 13 يونيو التصحيحية، حيث سلم القاضي عبدالرحمن الارياني السلطة إلى الجيش بقيادة إبراهيم الحمدي الذي شرع على نحو دؤوب ينشط في مكافحة الفساد، وتصحيح مسار الدولة التي تجلت بوضع الخطة الخمسية في التنمية بالبلاد.

وبدأت مظاهر الخطة الخمسية تتجلى أمام الناس بإنشاء هيئات التطوير التعاونية التي سارعت بشق الطرقات التي وصلت إلى أغلب مناطق البلاد، وخاصة مناطق الحجرية، وعلى نحو أخص مديرية المواسط التي تأسست فيها أنجح هيئة تطوير تعاونية تقريباً بكل اليمن.

وشرعت المدارس تتأسس في القرى، وتستقبل الأطفال.

صاحب خدمتي شق الطرقات، وبناء المدارس، ووضع أحجار الأساس لمشاريع خدمية أخرى كمشاريع مستوصفات صحية، وآبار مياه، وغيرها صاحب ذلك توجه عند المواطنين لضرورة تعليم أبنائهم، فتهافتوا إلى المدارس لتعليم أبنائهم.

وكان أول ما يلفت انتباه الأطفال الذين يقصدون تلك المدارس اشتحانهم بالشعارات الثورية والوطنية.

ومن الطبيعي أن تلك الفترة لا تزال ماثلة في وعي، وبين يدي ذلك الجيل الذي التحق بمدارس السبعينيات، والذين كان الحمادي واحداً منهم.

قال لي ذات مرة: عندما التحقت عام 1976 بمدرسة الشهيد الزبيري الواقعة بقرية بني سنان (دار الشريف) التحقت بالصف الأول، وكان مدير المدرسة رجلا مثقفا ومن اسرة مستنيرة هو الاستاذ عبدالخالق عبد الجبار نعمان أخ البروفيسور محمد عبد الجبار نعمان.. أول جملة حفظتها بأول يوم دراسي هي جملة " تحيا الجمهورية العربية اليمنية" أخذنا نرددها ثلاث مرات أمام سارية العلم الوطني، وعندما عدت للبيت كنت أرد على كل من يسألني ماذا درست اليوم بالمدرسة بـ "تحيا الجمهورية العربية اليمنية".

***

درس في مدرسة الشهيد الزبيري بالقرية ست سنوات حتى أكمل دراسة المرحلة الابتدائية عام 1981.

نظراً لعدم افتتاح المرحلة الإعدادية بمدرسة الشهيد الزبيري لم يدعه والده ينتقل للعاصمة لمواصلة الدراسة في المرحلة الإعدادية، حتى لا تجبره الظروف هناك أن يترك دراسته، ولذا اتجه إلى عزلة مجاورة لعزلة بني حماد هي عزلة قدس.

التحق عام 1982 بمدرسة القدس بقرية يدا عزلة قدس.

كان يقطع مسافة إذا ما أخذناها بوعورة جبل الشوار الذي يمتطي مدارجه، ومجازاته الوعرة، والمتعرجة المليئة بالأحجار حتى يصل قرية العزلة وبعدها قرية النحادة، مروراً بمكان يسمى بحوض الكلب، فقرية المدد، فقرية ذي البرع وصولاً إلى قرية يدا بعزلة قدس التي تقع فيها مدرسة القدس.

إن ما يجتازه كل يوم صعوداً من قريته بعزلة بني حماد إلى المدرسة بعزلة قدس لا يقل عن خمسة كيلومترات ذهابا، ومثلها إيابا.

ثلاث سنوات يصعد ويهبط الجبل للدراسة بمدرسة القدس حتى أكمل المرحلة الإعدادية عام 1984.

قال لي: لا أتذكر أني قد تأخرت عن طابور الصباح، وإن حدث أن تأخرت يوماً فلا يزيد تأخري عن فترة التمارين الصباحية أو الإذاعية المدرسية أصل أثناء النشيد الوطني "في ظل راية ثورتي أعلنت جمهوريتي" وتحية العلم، ولا أزال أشكر الأستاذ التربوي المعروف عبد الولي الخرساني مدير المدرسة، فلم يحدث أن عاقبني يوما لوصولي أثناء طابور الصباح لأنه كان يعرف المسافة التي اجتازها وصولاً إلى المدرسة يومياً.

...يتبع

* من صفحة الكاتب على الفيسبوك

إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص