في عهد الأئمة ذو الانتساب للسلالة الهاشمية ، ظهرت وترعرت الثقافة المناطقية والصراع المناطقي في اليمن ، إذ ان نشر هذه الثقافة الدخيلة التي لم تكن تعرفها اليمن من قبل ، كان أحد اهداف السلالة الهاشمية والتي وضعته وفق رؤية تقتضي أنه إذا أردت أن تسيطر على منطقة غير منطقتك ، فعليك أن تحل بجزء منها وتنشر ثقافة مناطقية ضد الجزء الآخر بما يولد صراع مناطقي داخل المنطقة الواحدة يجعلك تستخدم الجزء من المنطقة ضد الجزء الآخر بما يمنحك السيطرة الكلية على المنطقة برمتها .
بينما هذه الطريقة تستخدمها السلالة الهاشمية من أجل تفادي توحد أهالي المنطقة الواحدة ضدها واستشعارهم انهم أهل منطقة واحدة والهاشمية من خارجها .
بالاضافة إلى ان هذه الثقافة سهلة الانتشار نحو الجزء الآخر حيث اذا نشرتها في جزء من المنطقة انتقلت للجزء الآخر ، كون الجزء الآخر سيتعامل بثقافة مناطقية كردة فعل على الثقافة المناطقية التي تعامل بها الجزء الأول تجاهه.
ولأن اليمن كانت تعتبر منطقة واحدة والهاشمية قادمة من خارجها ، فقد نشرت الائمة الثقافة المناطقية في المحافظة التي حلت بها صعدة وما جاورها من المحافظات صنعاء وعمران وذمار ضد أبناء المحافظات الوسطى تعز وإب والحديدة وغيرها ، واستخدمت أبناء المحافظات التي حلت بها للاستقواء والسلب ونهب المحافظات الوسطى ، وهذا ما ولد ثقافة مناطقية كانت كردة فعل في تلك المحافظات .
ففي عهد الأئمة ظهر مصطلح البراغلة كأعتبار عند أبناء صعدة وصنعاء وذمار اطلقوه نحو أبناء إب وتعز والحديدة وغيرها ، وظهر التقسيم الداخلي المناطقي كاليمن العالي والسافل.
تأثر المجتمع اليمني بهذه الثقافة التي قسمته وفرقته ونشرت الحقد والكراهية داخله ، وتأثرت القبائل اليمنية التي وجهت العداء لبعضها واصبحت وسيلة وعصا بيد الأئمة لضرب القبائل اليمنية والمناطق بعضها ببعض .
ظلت هذه الثقافة باقية بعد سقوط الأئمة بسبب انه لم يتم معالجتها بشكل مطلوب لاقتلاعها من جذورها ، ولوجود اخطاء أظهرت وجود قوى مناطقية تسببت بأثارة نزعة مناطقية أخرى ضدها .
وهذا ما أضعف القبيلة اليمنية أمام الحوثي من حيث التوجه نحوه والمشاركة معه لتحقيق انقلابه على الدولة وسيطرته على صنعاء بدل ان تتخذ موقف قبلي موحد ضده في المنطقة التي انطلق منها .
كثير من القبائل في صعدة وقفت مع الحوثي بدافع مناطقي ، وكثير من قبائل صنعاء وذمار وعمران وقفت مع الحوثي بدافع مناطقي واتجهت معه نحو إب وتعز والجنوب .
لو لم يكن هذا الدافع المناطقي الداخلي لكانت القبائل اليمنية في صعدة وذمار وصنعاء تتخذ موقف موحد ضد الحوثي وتأتي القبائل من المحافظات الوسطى لمساندتها بدل ان تتجه تلك القبائل نحو المحافظات الوسطى لمساندة الحوثي .
ما يجب أن ندركه اليوم هو كيفية محاربة هذه الثقافة المناطقية بشكل ناجح ، وهذا ما يتطلب ان نركز على محاربتها في المحافظات التي نشأت منها لكي نقضي عليها في منبعها.
ليس المعنى ان نحارب الثقافة المناطقية في المناطق الوسطى وما حولها ونغظ الطرف على محافظات صنعاء وصعدة وما حولها .
المطلوب ان نحارب المناطقية في مجتمع قبائل صعدة وصنعاء ذمار تجاه المحافظات الوسطى ، كون المناطقية نشأت فيها ضد اولئك الذين كانت مناطقيتهم عبارة عن ردة فعل ، فإذا انتهت الثقافة المناطقية في المحافظات التي نشأت فيها انتهت في المحافظات التي كانت ردة فعل والتي هي أيضاً لم تكن اقوى من تلك من حيث التعصب المناطقي والنظرة المناطقية .
إذا قمنا بمحاربة المناطقية بهذه الطريقة ، فهذا كفيل بأن يجعل قبائل صنعاء وصعدة وعمران تنتفض ضد الحوثي وتتحد للقضاء عليه.