تعامل الدولة الذي كان بمثابة عامل تقوية للقبيلة أضعف الدولة أمام القبيلة وأضعف القبيلة أمام الحوثي.
سيقول قائل كيف يؤدي عامل تقوية القبيلة ذاك لاضعافها امام الحوثي ؟
الاجابة تكمن في أن توجه الدولة في فترة ماقبل الانقلاب وبعد ثورة 26 سبتمبر نحو تمكين القبيلة داخل الدولة تسبب في ايجاد نظام ضعيف لا يصمد أمام المتغيرات ويكون عرضة للسقوط السهل ومعرض لخطر الخلافات مع القبائل ومهيأ للاستحواذ عليه من أي هجوم قبلي .
هذا الضعف للدولة تزايد من خلال الخلاف مع بعض القبائل التي مكنها مما كان تعامله السابق سبباً في ايجاد خلاف مؤثر مع بعض قبائل واختلاف قبائل بعضها مع بعض وهو ما أضعف القبيلة اليمنية بشكل عام وصب في مصلحة الحوثي.
فتعامل كهذا من قبل نظام دولة هو لا يخدم الدولة ولا الصالح العام للشعب الذي يحتوى على الكثير من القبائل وانما يخدم اعداء الدولة واعداء المصلحة العامة.
خطأ الدولة سابقاً في أنها لم تنظم العلاقة بين القبيلة وبين الدولة ، وانما مزجت بين الجميع فأصبحت القبيلة هي الدولة والدولة هي القبيلة .
بالاضافة إلى ان الدولة لم تتبنى برنامج عبر الثقافة لتثقيف القبيلة ورفع وعيها بالولاء الوطني واحترام القانون ، وعبر برنامج ارشادي يغرس الفكر المعتدل والالتفاف والتوحد ، وعبر برنامج تعليمي يبين خطر الأمامة وماضيها الأسود في اليمن.
اتجاه الدولة نحو مراضاة رموز القبائل والتقاسم معهم بالسلطة كان بمثابة اضعاف للنظام والقانون وسبب لايجاد الظلم وعاملاً لتشجيع التمرد .
كان المفروض على الدولة ان تجعل عمل شيخ القبيلة كشيخ فقط وتضع له برنامج يجعله بمجرد متعاون مع الدولة ويتقاضى راتب على ذلك .
كان المفروض ان تجعل المشائخ تطلق عليهم صفة المتعاونين مع الدولة ومن لم يتعاون معها سيتجرد من عمله وينقطع راتبه.
ولكنها للأسف جعلت المشائخ هم الدولة ، ومنحتهم كل الوظائف واصبحت الدولة مجرد نظام لمراضاة المشائخ فقط.
أصبح شيخ القبيلة هو كل شيئ في المجتمع ، هو الشيخ وهو الدولة ، هو الموظف وهو المسؤول وهو المدير وهو المحافظ وهو الوزير وهو البرلماني وهو عضو مجلس الشورى .
المشائخ وابناءهم فقط وباقي ابناء القبائل لا مجال لهم .
اصبح الشيخ عضو مجلس الشورى ، وابنه الاول عضو البرلمان ، والثاني عضو المجلس المحلي بالمحافظة ، والثالث قائد لواء عسكري والرابع مدير منشأة او مؤسسة حكومية .
ابن الشيخ هو من يستطيع الحصول على الوظيفة ومن يستطيع الحصول على المنحة للتعليم في الخارج ، وعبر هذه الطريقة حصل ابناء المشائخ على المناصب وفق عمل مؤسسي وحرم منها ابناء القبائل بسبب عدم قدرتهم على اكمال التعليم او الحصول على الوظيفة .
بعض المشائخ الذين ادعو بأنهم جمهوريين بسبب وقوع خلافات بينهم وبين الامامة قبل الثورة ، تم تمكينهم من قبل الدولة بعد الثورة واصبحوا يمارسوا سلطة ظلم وتعسف بحق ابناء مناطقهم أشد مما كانت تمارسه الأمامة .
وهذا ما أظهر الجمهورية بأنها جمهورية الشيخ وليست جمهورية النظام والشعب ، وتسبب في ايجاد انطباع شعبي خاطئ نحو الجمهورية .
اصبح المشائخ يحاربون أي شخص متعلم من ابناء قبيلتهم ويقفون بقوة ضد حصوله على وظيفة او منصب ، لأنهم يشعرون انه سيشكل خطر على موقعهم داخل القبيلة وداخل الدولة ، وينافس المكان الذي يجب ان يكون لهم ولابناءهم فقط.
قيام الدولة بتشجيع التمرد داخل القبيلة من خلال مراضاتها لمطالب المشائخ وعدم الوقوف بحزم ضد الاعمال التخريبية التي يقومون بها لتعاقبهم على ذاك الفعل .
من اراد ان تلبي الدولة مطالبه كان يتجه لتفجير انبوب النفط او اختطاف السياح . وقيام الدولة بالاستجابة لمطالبهم دون ان تردعهم جعل ذلك عادة مستمرة في اوساط القبائل لتتزايد عمليات التخريب وتستمر .
وهذا شجع التمرد داخل القبيلة وجعل ذلك التمرد يصب في مصلحة الحوثي الذي استغل ذلك السلوك السلبي داخل القبائل بما يؤدي لعدم استنكار تمرده على الدولة وبما يعزز التفاف حول تمرده الذي اسقط الدولة وسيطر على صنعاء