همسة عابرة على بيان الأستاذ محمد اليدومي

 

اجعل إنجازاتك هي المتحدثة بإسمك ، لتكفيك عن الإنشغال بالكثير من القول .

لن أنشغل بتبيين الفرق بين خطابات القيادات المختلفة للقوى المتنازعة في البلد ‘ فبإمكان الكل الإجهار بالقول السديد المقبول عند المتابع .

ما يهمني هو التنقيب عن تناغم سلوكيات المتحدث إلى الناس مع ما يقوله في الواقع  ‘ والتأمل في تعاطي المنتمين إلى المكون الذي يتزعمه صاحب الحديث السليم مع ذلك القول الذي يتسم بالسداد .

فعاهات المجتمع هم من جعلوا من خطابات قائدهم نصوصاً مقدسة لا يجوز التأمل فيما تتضمنه من مدلولات ولا تقييمها واعتراض المعوج فيها أو اتمام المنقوص .

وما يجب إدراكه هو أن القول الحسن الذي لا يصاحبه سلوك أحسن من قبل المتحدث المتظاهر بملائكية التوجيه أقبح من القول الظاهر فحشه للناس ممن شاع فيهم سوء فعله ‘ لأن فيه من التزوير والتدليس ما الله به عليم .

والقيادة التي تستحق التقدير من قبل المتابع والسماع لما تقول من قبل المنتمي ‘ هي تلك التي أسست روابط تنظيم المنتمين إلى مكوناتها على حرية القناعة ، وأتاحت لهم مساحة واسعة للنظر فيما تقوله ، تمكنهم من الإعتراض وتعطيهم فرصة للنقد والتقويم والتقييم ، وإعلان الموافقة للقناعة بسداد الرأي أو الإعتراض ، لأن مثل هكذا قيادة لا تسعى لتحقيق حالة اتباع لا مراجعة فيما يصدر عنها أو تقوله ، وإنما تحاول إيجاد مستوى سليما من القول والقرار ، الذي يتبعه إتقان قويم من التنفيذ .

ولو تأملنا جيداً في عوامل تجذر الاستبداد ونفوذ الاستعباد في أوساط المجتمعات ، لوجدنا ذلك كائن في أقوام يعيشون صنمية مفرطة مع قياداتهم التي يعتري تفكيرها وقراراتها الشطط ، وهذا ما يقرره الواقع المشاهد المعاش .

الأستاذ اليدومي قال كلاماً جميلاً في بيان الأمس ، اعتبره البعض وثيقة تاريخية يجب على كل ذي لب أرشفتها في رفوف العظمة ، وكم هي الوثائق التاريخية التي تم أرشفتها سجلات التدوين لكنها تحولت إلى أكف لاقفة لغبار الإهمال ومخلفات الماضي الذي لا يمكن تصحيحه ، ففي مقابل ذلك الكلام الجميل اختلالات حقيقية تفت في واقعية ذلك البيان وانسجامه مع السياسات التي تمارس في واقع الأحداث يجب مراجعتها ، والناس ملت التنظير المجرد عن التطبيق ، ولا بد من مراجعات إدارية وقيادية صادقة وحثيثة وعاجلة ، تمكن الطاقة الهائلة لكوادر الإصلاح من إحداث نقلة نوعية في الساحة السياسية والعسكرية والإقتصادية في البلد ، بدلاً من تكديسها في سلات الإهمال الإنتهازي من قبل بعض صناع القرار داخل الأطر الإدارية للإصلاح ، والتي تنهش في أروقة الحزب بشكل مخيف يذكرنا بمراكز النفوذ التي نهشت في مؤسسات الجمهورية حتى تمكن الإماميون من اختطافها واستعادة السيطرة عليها بعد أكثر من خمسين عام .

إن أحوج ما نحتاجه اليوم هي الإحتواء لحملة البرامج لا حفظة المناهج ، مع تقديرنا لحفاظ المفردات ومتقني أبجديات الجمل .

نحتاج إلى من يتقنون تحويل المبادئ التي نتغنى بها إلى أرقام لمشاريع استراتيجية نتحصل بتشييدها على تحشيد النصرة لا التقعر بالقيم التي تكون الأبعد عن واقعنا من ما يستجلب علينا المقت والنفرة .

نريد الخروج من الكليات التي مجالها التنضير إلى التفصيليات التي ميدانها التطبيق ، ومن مناقشة المبادئ التي يصفق لها الجميع إلى الأرقام التي يراقب تنفيذها الكل .

الإسلام الكل مسلمون
الدعوة جميع الناس لا يعارضونها ، والمقصر يشعر بالذنب .
التنضير كل له اسلوب في ذلك .
والواقع الجيد والمبدع المتفنن والمهني المتقن والكفاءة الخارقة هي الأشياء المغيبة عن المشهد ، ولا أقول الغائبة وإنما المغيبة .

هناك غسيل كفاءات حاد ، وتهميش متعمد ومدروس لأغلب المهنيين والمبدعين داخل الصف الإصلاحي الذي يعول عليه الشعب الكثير ، مما يجعل الحاملين لمشروع اليمن في قلق بالغ من مثل هذه الحالة التي لا يفترض بروزها أحد من المخلصين لخدمة اليمن .

لن يكون لجمال البيان أي تغيير في الواقع إلا إذا تمت مراجعات إدارية وقيادية جادة ومكثفة وبشكل سريع داخل الحزب ، تستنهض كل طاقة ومهنة وخبرة أخمد تفاعلاتها سوء تقدير البعض وسوء تصرف البعض الذي جعل لحظوظه الذاتية موطن في صياغة القرار وإدارة تنفيذه .

أتمنى من الأستاذ اليدومي أن يعمل على تشكيل لجان مختصة للنزول الميداني إلى كل مؤسسات وأطر الحزب لممارسة التقييم الذي يتبعه التقويم ، ولن أكون جريئاً إن قلت : بأن النجاح سيكون في الإبتداء بعمل تصحيحي شامل يبدأ من الهيئة وينتهي بالحلقة الأصغر للحزب .

الجمود نتن ، والجحود دخن ، والتغافل مورد للهلاك ، كما أن حباكة القضايا العامة وقراراتها بما يخدم طبقات خاصة داخل الصف ليس بعده إلا الفناء .

تلك تراميز أتمنى أن يفهمها أولوا الألباب .

#سليمانيات #مانع_سليمان

إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص