التيارات والتنظيمات الدينية صاحبة معتقد الحكم كحق الاهي محصور دينياً للجماعة عبر مشروع الخلافة كحزب الاصلاح ، ومعتقد الحكم كحق الاهي محصور دينياً لعرقية البطنين عبر مشروع الولاية كجماعة الحوثي ، لا تؤمن بالتحالف مع الحاكم ولا بالشراكة مع الاطراف الأخرى بالسلطة.
تؤمن بأنها هي الحاكم ، ولذا لن تقف مع الحاكم وانما تؤمن بازاحة الحاكم والانقلاب عليه واستخدامه عبر تحالف تصنع له مشاكل مع كل الاطراف ثم تتحالف مع تلك الاطراف ضد الحاكم ، وهنا يتضح ان تحالف الحاكم معها مشكلة.
تؤمن بحصرية السلطة لها ولذا لن تقبل الآخر ولن تحتوي الكل وانما تسعى لاقصاء واستبعاد الآخرين واستخدام الحاكم لاقصاء بقية الاطراف بما يعود النفع عليها لا على الحاكم ، ولذا فإن الشراكة معها تعتبر مشكلة داخل السلطة.
تؤمن بأن التغيير يتم من خلال القضاء على صاحب الخطأ ولا تؤمن بتصحيح الخطأ والتأثير على صاحبه ليتخلى عن اخطاءه وتقود بيديه نحو الخير وتحرص على هدايته.
تحالف الرئيس السابق صالح مع حزب الاصلاح ، فصنع له الاصلاح مشاكل مع بقية الاحزاب الناصري والاشتراكي ومع الجنوب والوحدة ، ثم اتجه الاصلاح نحو التحالف مع الاشتراكي والناصري عبر تشكيل اللقاء المشترك الذي هدفه اسقاط صالح ، وبعد تحقيق الهدف انتهى هذا التشكيل وعاد الاصلاح لمحاربة حلفاءه الآخرين
بعد تحقيق الوحدة اليمنية عام 90 انتقلت اليمن لمرحلة تحالف وشراكة ثلاثية في الحكم صالح والاصلاح والاشتراكي.
وجد الاصلاح ان صالح هو المستفيد أكثر كونه متشارك مع الاصلاح في الشمال والاشتراكي في الجنوب ، فاتجه نحو دفع صالح للتخلص من الاشتراكي بما يجعل الاصلاح متساوي مع صالح ليحل محل الاشتراكي ويصبح متقاسماً مع صالح الشمال والجنوب ، ولذا كان التخلص من الاشتراكي في الجنوب بعد حرب 94 اضافة لحزب الاصلاح وليس لصالح الذي كان شراكته في الجنوب قبل الحرب مع الاشتراكي انتقلت مع حزب الاصلاح.
استطاع الاصلاح التأثير على صالح بعد الوحدة من خلال الظهور بإسم الدين ، فصور له بأن الدستور علماني حينها وهذا حرام وكفر بينما الاصلاح اليوم يدعو للعلمانية ويشيد بها.
تم تصوير الاشتراكي بالمجرم السكران الذي لديه مصنع للخمر في صيرة وقام بالتحريض ضده في حين تجاهل الاصلاح السكارى في الشمال وصنعاء حينها وانتشار الخمر في الشمال والجنوب بعد الحرب بشكل أكثر بكثير عن ما قبل الحرب دون ان يكون هناك أي استنكار.
استطاع الاصلاح ان يجعل صالح يدفع الاشتراكي نحو الانفصال ويشن عليه حرب بعد ان كان صالح قد قام بتربية لحية وقام الاصلاح باصدار فتوى تكفير الجنوب.
صحيح ان الاشتراكي كان لديه اخطاء من حيث وجود بعض الثقافة الماركسية ، ولكنها كانت على وشك النهاية ، ومحاربة تلك الاخطاء تتم من خلال الارشاد والدعوة للهداية لا التكفير والالغاء من الوجود ، فتلك الثقافة سيرفضها الاشتراكيون وتنتهي كما انتهت حالياً كونهم اصحاب فطرة يحتاجون لتذكير ودعوة بالحسنى فالشيطان قد يأس من العبادة في جزيرة العرب.
لو لم يكن حزب الاصلاح متواجد بعد الوحدة ومتحالف مع صالح ، لكانت الوحدة ناجحة ولم تقم أي حرب ولوجد مشروع دولة قوي ولكان الاشتراكي باقي كما هو وعلاقة سالم مع صالح والجنوب كلها سمن على عسل ، ولكان مشروع الوحدة اليمنية كمشروع الإمارات الاتحادية من حيث الاستقرار والاقتصاد والتطور.
فالاشتراكي لم يكن صاحب معتقد ديني يجعله يسعى للاستحواذ على الكل والسيطرة على كرسي الرئاسة ، وهذا ما كان سيجعله راضياً بموقع نائب الرئيس وحصته في الشراكة بالسلطة مع المؤتمر دون ان يفكر في اقصاء شركاءه ليحدث مشاكل داخل السلطة تؤثر على نجاح مشروع الدولة.
الرئيس هادي حفظه الله ارتكب نفس الغلطة التي ارتكبها الرئيس السابق رحمه الله .
فتحالف هادي مع الاصلاح ، كان سبباً لضعف الدولة وصناعة وبقاء مشاكل لهادي مع بقية الاطراف ، بالاضافة إلى حصول الاصلاح على مراكز داخل السلطة عسكرياً وادارياً جعلته في مستوى قوة أكثر من عهد صالح ، ولذا فإن صالح لم يترك الحبل على الغارب للاصلاح مثلما تركه هادي.
صحيح ان الرئيس هادي لجأ مؤخراً لتمكين الاصلاح بعد عدم وقوف انتقالي الجنوب معه رغم تمكينه للانتقالي بداية الحرب داخل الدولة.
ولكن هذا لا يعتبر توجه سليم من الرئيس هادي من خلال الاستقواء بالاصلاح ضد الانتقالي وتمكينه داخل الدولة بقوة ، اذ كان يفترض عليه ان يستقوي ببناء دولة عبر الاعتماد على نفسه كقائد لا عبر الانتقال لتحالفات داخلية ، فلجوء السلطان للتحالف داخلياً مع اطراف ضد اطراف يعتبر ضعف للسلطان وضعف للدولة.
الآن حزب الاصلاح يعمل على بقاء المشاكل والانقسام بين هادي وآل صالح ويحاول يعيق حل المشاكل مع الانتقالي بما لا يوحد الصف ضد الحوثي وبما يدفع بقية الاطراف لبقاء موقفها في المناطق المحررة ضد الدولة ، بينما يقوم الاصلاح بنفس الوقت بمحاولة ايجاد تقارب بينه وبين آل صالح بدعوى توحيد الصف الجمهوري ضد الحوثي دون توحد خلف هادي ، فهل يعقل الرئيس هادي وبقية الاطراف هذا المغزى.
هذه غلطة صالح التي يرتكبها هادي ، وأما غلطة حزب الاصلاح التي يرتكبها آل صالح حالياً فسأتحدث عنها في مقال قادم.