الخطاب السياسي الهادئ غير المنفعل البعيد عن الشطط، لا يعني التسليم بواقع القبول بإحراق اوراق القوة تباعاً، كالتنازل عن محاربة الفساد وتفكيك تشابكات الدولة العميقة، التي تعطل مشروعك، بأداء تآمري ممنهج ،تضعك وجهاً لوجه في حالة صدامية مع جماهيرك ، وفِي وضع الإدارة العاجزة عن حل المشاكل المتراكمة ، اي تضعك في فوهة مدفع وتقذف بك إلى المجهول.
الخطاب المتوازن الهادئ يجب ان يتزامن مع شفافية كاملة، في مخاطبة حواضنك ، مكاشفتهم حول المعوقات الموضوعية ، عن الحروب السياسية النفسية التي تُشن عليك ، عن الجهات الممولة والجهات المنفذة ، عن توزيع الأدوار بين الخارج المتواطئ والأدوات المحلية ، لرسم ظلال من الشك حول ماهية مشروعك وصوابيته ، عن قدرتك العملية خارج التنظير ،على حل مشاكل الناس الحياتية اليومية ،من الأمن إلى الخدمات إلى رغيف الخبر وحبة الدواء.
الخطاب العقلاني لا يعني ان تكون مسيحاً اكثر من المسيح، ان تتلقى صفعة الخد الأيمن ،فتستدير لتلقي صفعة أُخرى على خدك الأيسر ، العقلانية ان تكون صارماً في رسم حدود التنازل ، ،وتقديم لا كتابع بل بما تملكه من قوة ،اوراق اعتماد موضوعيتك وعقلانيتك لدولة الجوار، الممسكة بملف التسوية بين طرفي النزاع، الشرعية الممسكة بكل الثروة والإمكانيات ، والغائبة عن الأرض وحياة الناس ، والإنتقالي الممسك بالأرض المحارب بصناعة المعوقات وتوفير الإمكانيات.
العقلانية ان تراكم اوراقك الفاعلة ، ان تلوح بها في وجه الاقصائيين ، ان يدركوا انك رقم صعب ،ليس بما يسكنك من حلم وفكرة ،بل بما تملكه من ارض تقف عليها، وجماهير تشد من عضد مشروعك السياسي.
من غير تفعيل ادوات قوتك السلمية ، من غير بسط سلطتك على الخارطة ، من غير حراك مدني حقيقي، يوجه رسائله للداخل والخارج ، بأنك ذات حيثية جماهيرية حقيقية ، تظل عقلنة الخطاب في نظرهم ضعفاً ، والاستجابة لضغوطاتهم تنازلاً يفتح على استحلاب المزيد ، والانحناء امام عواصف حملاتهم الإعلامية السياسية الممنهجة ، رضوخاً لمخطط يُطبخ في ليل، لإعادة صياغة معادلات واحجام وموازين القوى على الأرض ، تكون انت فيها خارج حسابات القوة ، اثناء رسم خرائط الحل النهائي لملف الحرب في اليمن.
كُن عقلانياً ولكن لا تكن ضعيفاً ، حاور وراكم اوراق تعزز مشروعيتك ، إعلن التأهب وحرك رديف حضورك العسكري ، اي نضالك السلمي المدني.
من غير توجيه رسائلك من قلب مناطق الثروات والموقع الجيوسياسي في شبوه وحضرموت ومراكز الثقل السكاني ، تبقى انت مفتوح على كل الإحتمالات:
إقصاءك بقرار إقليمي دولي بالعنف ، او بالسياسة من خلال منحك مربعاً جغرافياً اقل من إقليم، وخارج مسمى دولة ، كانتون بلا موارد او مخالب ، شكل هُلام بلا رئة قابل للتنفس والحياة.
عقلن خطابك و امض بنضالك المدني إلى الأمام.
القوة ليست بندقية ، ليست خطابة ، بل شارع وحراك وناس