توطين العمل الإنساني في اليمن
يعود مفهوم #توطين_العمل_الإنساني من جديد ليعيد للعمل التشاركي المجتمعي اعتباره الهام في دراسة وتخطيط الاحتياجات و إخراجها في صيغتها التنفيذية، معتمدين على ترتيب أولويات تلك الاحتياجات في سلم مشكلات مجتمعاتهم، أي الصيغة التي فقدتها المجتمعات اليمنية التي تكرست منذ مئات السنين لتصبح طبع و سمة تعاونية لازمة للحفاظ على المصالح العامة و متابعتها و تقييمها بصورة دورية و دائمة.
وعي الاعتماد على الذات المجتمعية هذا دأبت عليه المجتمعات اليمنية بطبيعة قلة و انعدام خدمات الدولة و غيابها عن توفير الاحتياجات الأساسية و بالتالي خلقت هذه الفجوة عدم الركون و الإتكال سوى على أنفسهم حتى في إصلاح ذات البين اذا ما حدثت إشكالات بين بعضهم البعض.
و بالتالي شيد اليمنيين البرك و الاحواض و السدود المائية و المدرجات الزراعية العظيمة المعلقة في وعورة الجبل، و شقوا بجنوبهم الطرقات و صانوها في اوقات انجراقات السيول، و تكافلوا اجتماعيا و تبادبوا الخبرات فيما بينهم، و أسسوا أعقد صور العادات و التقاليد الزراعية و الاجتماعية التي يمكن أن تدرس في ارفع جامعات العالم. فعلوا أشياء كثيرة و رتبوها خطوة بخطوة في ابسط أشكال العمل الجماعي و ارقاها إذ انهم كانوا يعقدون اجتماعاتهم لمناقشة الأخطاء و تصويبها تقييما و تقويما و يمارسون تدريبات و تجارب على أرض الواقع.
ثم ماذا ؟ جاء نظام التدخلات التنموية قبل أن تدخل البلاد في نظام الاستجابة الإنسانية من المنظمات و المانحين الدوليين التي كان لنظام تقديم وتنفيذ تلك المعونات العاجلة أثرها الفادح على عادات وسلوكيات المجتمعات و على منظومة وعيهم الخاص بالعمل الطوعي و التشاركي، هذا التدخل المباشر الجاهل ببيئة سيسولوجية المجتمعات اليمنية و ثقافته التعاونية، لم يعطي أهمية للخبرة المجتمعية او أي دور للفاعلين المحليين والوطنيين ولا حتى اشراكهم بفاعلية في دورة حياة المشروعات، ليس هكذا وحسب بل حولها من مجتمعات تفكر و تخطط وتمارس أفضل أشكال تنظيم العمل الجماعي التنموي و الإنساني الى مجتمعات عاطلة تماما مع انها كما اشرنا كانت روح و هوية الاستجابة السريعة للتنمية والبناء و التكافل و روح المبادرة تعد جزء لا يتجزأ من هويته اليمن الاجتماعية.
الآن كل الدراسات التي تكرس ابحاثها لتحليل سياق العمل الإنساني وتدرس اختلال التدخلات الإغاثية والتنموية في اليمن التي تقدمها الأمم المتحدة وباقي المانحين والممولين الدوليين تدرك الى حد لا بأس به هذه الجزئيات لكن ان بقي نظام الأستجابة الانساني والدعم التنموي في ذات المفردة المسيسة للسياق فلن نرى سوى مزايدات وتبادل للاتهامات والأخطاء وهو ما سيضيف عبء جديد على الفاعلين المحليين والوطنيين في اليمن.
 
إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص