أثبتت الأحداث أن كل انحطاط تاريخي وطغيان سياسي وراءه كهنوت ديني أو سلالة منحرفة، أما وقد اجتمعتا في اليمن في مكون سلالي واحد، فقد اجتمع على إثره الظلم كله والفقر كله والمأساة التاريخية كلها، سلالة زئبقية لزجة طينية معجونة بكل أشكال الحقد والنفاق داءٌ عضال ابتليَ به اليمن تسلل إليه عبر الحدود وعَبَر كما تعبر كل أمراض الطيور ولحوم المواشي والفيروسات الضارة والمعدية، والبضائع منتهية الصلاحية، أُسس للكهنوت وتم تجذيره عبر ألقاب السيد والشيخ أو العالم والداعية، وحوصر على إثره الإبداع والتنوير والعلم والفكر وحورب كل حامل لمشروع وطني أو شعلةٍ تهدي أو محاربٍ للظلم والطغيان، حد تعبير جواب العصور فيلسوف اليمن عبدالله البردوني الذي أصابه من الظلم والتهميش ما أصاب كلُ حرٍ وحامل لمأساته الوطنية وهَم الوطن.
وما إن هدم أحرار ثوار 26 من سبتمبر صنم الإمامة وكهنوت المذهبية والسلالة حتى تحوصلت في كهنوت ديني آخر، كهنوت الحركات الدينية الردكالية التي جعلت من نفسها الحامي للدين والمحامي عنه وبدعم من التعصب القبلي المذهبي القميء، ولم يجد ذلك الثنائي من عمل سوى محاربة الثوار أصحاب التوقد حملة فكر بناء الدولة الوطنية والتحرر من الطبقية ومحاربة الجهل والتطرف، تجمد الثنائي في صلب الدولة حتى أصاب المجتمع بالجمود والثورة بالشلل والبلد بالفساد وبكهنوت إمامي متربص من داخل صفوف الثورة والجمهورية.
ألم يحاربوا كل كوادر وعلماء اليمن أمثال الدكتور حسن مكي، بتهمة الشيوعية والدكتور محمد سعيد العطار، والدكتور عبدالرحمن البيضاني، والدكتور أحمد الحبيشي، والدكتور محمد سرحان سعيد المخلافي، والدكتور فرج بن غانم، والدكتور عبدالعزيز المقالح، والبروف حمود العودي، والبروف عبدالله الذيفاني، والبروف أيوب الحمادي وغيرهم الكثير من خريجي الاتحاد السوفيتي سابقاً والعراق وسوريا وأقصوهم وحرموهم من المشاركة في بناء الدولة وخدمة الوطن.
جُردت قامات الوطن الأكاديمية والعلمية في المجال السياسي والاقتصادي والتربوي والاجتماعي من كل الحقوق وأُقصوا بتهمة التحزب والانتماءات الفكرية وغيرهم الكثير لا تحضرني أسماءهم.. وتولاها الشيخ العكفي والعسكري الشاويش!! وتحضنوا أبناء الشرايف فأجهضوا الثورة وأفرغوها من محتوى قاتل من أجله الأحرار.
ركب الثنائي موجة الجهوية القبلية واستخدموها كرمح وسيف يضربون به يمنة ويسرة لتجذير اللاهوت الديني والسلالي والامعان في إخراج اليمن من العالم المتحضر ورصده بين في أسفل قوائم الدول شديدة الفقر والتخلف والجهل، لأن نمو اليمن ورخاء شعبه وتنوّر عقوله لا يخدم مشروع الكهنوت بشقية الإمامي السلالي الحاقد والجهوي المذهبي العميل، جذروا التعصب المذهبي والطائفي والمناطقي والطبقي لتعميق الشرخ وتوسيع الهوة بين أبناء اليمن كي يسهل عليهم لي أذرعته وقياده.
ما يجري في محافظة مأرب الحرة أيقونة التنوع اليمني والحرية والثورة المضادة للكهنوت من ملاحقات للأقيال والكتاب والصحفيين والقادة العسكريين الشرفاء يعتبر تكراراً للمسلسل الذي أعقب ثورة السادس والعشرين من سبتمبر كي يجهضوها ويحجبوا سناها الثوري ويهدموا الأسس الوطنية التي قامت عليها والأهداف التي حاربت من أجلها.
وما يزيد الأمر غرابة أن جعلوا من رشيدة القيلي وبعلها وشلة جامدة من المدعين أدوات لتلك الملاحقات ومن منشوراتها فتاوى للتكفير والتفسيق ومنح الصكوك، وبحسب ما أورده القيل محمد القحطاني أن رشيدة "بدأت من تعز من صحيفة "الجمهورية" أواخر التسعينات، وكانت تكتب عمودا أسبوعيا باسم مستعار "رهينة الغربتين" تورد فيه كلاماً خادشاً للحياء ومثيراً للغرائز وكأنها مراهقة لم تجد نصيباً من التربية"!! انتهى.. كان ذلك قبل التحاقها بزوايا الكهنوت والكتابة في الصحف الإمامية الصفراء والتلون بألوان المصالح الحزبية والدفع المسبق، أفرغت كل ما في جرابها من بضاعة النفاق والتمظهر بمظهر الدين، وبعد أن جندها بعلها المتورد كذيل لخدمة المشروع السلالي باتت تقود حملة إرهاب وتطرف في مأرب الثورة والجمهورية والنيل من المناضلين والكتاب الأحرار من أقيال اليمن ورواد قضيته الوطنية وتشويه صورة مأرب عاصمة مملكة سبأ وحاضنة أعلام الثورة والدولة والجمهورية.
هو الكهنوت كما بدأت به في هذه التناولة سأختم به ألم يُحذر القيل حافظ مطير في كتاباته من خلايا التجسس والعناصر السلالية الكامنة والناشطة في صلب سلطات الدولة في مأرب من وقت مبكر؟ فلماذا سفهته الكاهنة ولاحقه الأذيال والقوا به في غياهب السجون واتهموه بالزندقة والكفر واستمروا حتى ظهرت تلك العناصر على السطح وتحقق ما كان يحذر منه.
إظهار مأرب كحاضنة للأصولية والردكالية والتشدد الديني والعنف من قبل الكهنة، يعتبر امتداداً طبيعياً للتقارير التي أعدتها الحركة الحوثية وقدمتها للسفارات والمخابرات الغربية بأن مأرب والبيضاء وتعز والجوف وأبين حواضن للارهاب قبيل اقتحام صنعاء وحتى اللحضة وهم يعززون ذلك المفهوم، ألم يصرِّح قادة الحركة الحوثية غير مرة انهم يعملون على دك أوكار الإرهاب في تلك المدن، الفرية التي انطلت على الغرب واستعذب سماعها وعليها بنى مواقفه من الحرب ضد العصابة السلالية في اليمن.
ألم يتم ملاحقة وإذلال القيل مانع سليمان وإرهابه والتحريض عليه داخل السجن بايادي وأدوات كهنوتيه دينية وسلالية تتخذ من مأرب موطناً ومن سلطاتها يداً وعبر أدوات تابعةً عمياء لا تدري مالذي يدور حولها ويحاك ضدها، ولم يتناهى إلى مسامعها حقيقة سوى شائعات المقايل وهمهمات القات وسلطناته، إنها الخشب المتآكل ذاته والحطب المتسوس نفسه والعناصر الناقمة ذاتها التي تعمل لصالح الإمامة واستمرار عجلة الصراع والظلم والكبر دون أدنى مراعاة لما يعانيه الوطن من تشرذم وانقسام أحدثته ذات المسوخ السلالية والخشب اللاهوتية الجامدة.