مغزى الهجوم المزدوج على الشرعية والتحالف

كشف الغرب عن أجندته السيئة في اليمن، فلطالما سعى طيلة الفترة الماضية إلى فرض تصوراته الخاصة بالحل، فكان أول شيء أقدم عليه هو تحويل اتفاق المبادرة الخليجية الشديد الوضوح إلى خارطة طريق معقدة من حيث المشاريع والمحطات مستويات التنفيذ.

 

عمل بخبث على استدعاء ميلشيا الحوثي من ملاجئها في صعدة، وهو يضمر النية لاستخدامها كمعول هدم على نحو ما رأينا من أحداث ما قبل وما بعد 21 سبتمبر 2014 وهو تأريخ سقوط صنعاء بيد الميلشيا.

 

اضطر التحالف العربي لدعم الشرعية، بعد مرور أكثر من عام ونيف على بدء عملياته العسكرية في اليمن، والتي جاءت بناء على طلب من الحكومة في هذا البلد، اضطر إلى توضيح آليات “قواعد الاشتباك” التي يعتمدها في هذه العمليات، وتأكيد حرصه والتزامه بالتقيد بقواعد القانون الدولي الإنساني في بيان أصدره اليوم الخميس الـ26 من شهر مايو 2016.

 

هذا البيان لم يأت من فراغ، بل جاء رداً على الحملات التي تتبناها مجموعات الضغط في الدوائر الغربية، والتي تحتفظ بتصوراتها المتطرفة إزاء منطقتنا، فتعمل على تكريس الصورة السلبية عن التحالف العربي، وعن دوره في اليمن، وتغض الطرف تماماً عن العمليات الإجرامية الممنهجة التي ينفذها الانقلابيون ضد المدنيين العزل في أكثر من محافظة ومدينة يمنية.

 

مخطط تشويه دور التحالف، يتساوق تماماً مع مهمة مشابهة لحرف مسار وأهداف مشاورات الكويت، وتحريرها من أجندتها ومرجعياتها، حتى يبقى القرار الدولي رقم 2216 حبراً على ورق، عوضاً عن أن يكون مرجعية ملزمة لجميع الأطراف.

 

يضغط السفراء الغربيون على الطرف الحكومي في مشاورات الكويت من أجل القبول بفكرة تشكيل حكومة شراكة، وهو الهدف الذي جاء من أجله الانقلابيون.

 

وهذا إن حدث فإن انقلاباً ناعماً بإمضاء الحكومة والأمم المتحدة سيتم بكل هدوء على الشرعية الدستورية التي تتأسس عليها شرعيات عديدة من بينها شرعية التدخل العسكري للتحالف العربي، بل أن المرجعيات الثلاث الأساسية وهي اتفاق المبادرة الخليجية ومخرجات الحوار والقرارات الدولية كلها تقوم على مبدأ صيانة شرعية النظام الانتقالي ممثلاً في الرئيس عبد ربه منصور هادي وحكومته.

 

هذا الهجوم المزدوج على شرعية النظام الانتقالي وعلى مشروعية التدخل العسكري للتحالف العربي، له أهدافه الواضحة، وهو المضي في خطة تمكين الميلشيا، والتي كانت قد قطعت شوطاً مهماً من التمكين قبيل تدخل تحالف دعم الشرعية، الذي خلط الأوراق والخطط وفرض أمراً واقعاً له علاقة مباشرة باعتبارات الأمن الإقليمي وبسلامة الدولة اليمنية، وبمتطلبات العيش المشترك بين مكونات المجتمع اليمني.

 

أُريد لميلشيا الحوثي وحليفُها المخلوع صالح أن يتصرفا كقوة أمر واقع، ويفرضا النظام الذي يريدانه بغض النظر عما إذا كان هذا النظام غير ملائم للمجتمع اليمني، ويهدد وحدته وينال من كرامته الوطنية.

 

الهدف الوحيد لمخطط تمكين الانقلابيين من شئون الدولة اليمنية ومقدراتها، هو إضافة كتيبة أخرى مؤثرة إلى المعسكر الذي ينطلق من أجندة شيعية متطرفة، ويراد له أن يكون قوة مضادة للأمة بدواعي مهترئة ومفضوحة وتصور خاطئ بشأن إدارة الصراع وجعله صداماً مستداماً بين السنة والشيعة.

 

حتى الآن أثبت التحالف العربي أنه أكثر كفاءة في التعامل مع الأهداف الأرضية، وحقق مستوى يعتد به في الالتزام بأخلاقيات الحرب، مع الإقرار بوجود هوامش خطأ غير مقصودة على كل حال، وضحايا مدنيين، يستوجب التعاطف معهم، وتوجيه اللوم الشديد للطرف الذي تسبب في إيذائهم وهم الحوثيون وحليفهم المخلوع صالح.

 

اقترح المبعوث الأممي إلى اليمن إسماعيل ولد الشيخ تشكيل هيئة للإنقاذ الاقتصادي، بعد التدهور الحاد في سعر الريال وتردي الوضع الاقتصادي، وكان عليه أن يتصرف بمسئولية ويستجيب لمطالب الحكومة بنقل صلاحيات البنك المركزي إلى أحد فروعه الرئيسية، وإنهاء سيطرة الانقلابيين الذي تسبب في تحويل الموارد النقدية إلى مجال واسع للنهب ولاستخدامها في دعم المجهود الحربي للانقلابيين.

 

المبعوث الأممي بهذا الموقف يعطي مبرراً للتصلب الذي تبديه الأطراف الغربية مع مطالب الحكومة باستعادة صلاحية إدارة النقد والمالية العامة، وهو التصلب الذي لا يوجد مبرر له سوى أنه يأتي في سياق حرص هذه الأطراف على إبقاء الجزء الأهم من السيادة بيد قوى الأمر الواقع الميلشياوية المنفلتة.

إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص