معركة لتحرير الأرض والعقول

من يتنكر لمصالح الآخرين، على مستوى الداخل أو الخارج، إنما ينكر وجودهم وحقهم في الحياة.. قانون المصالح المشتركة قانون لازم مثل قانون الجاذبية، ومن يحاول أن يسقطه يسقط قبله.

"من أحياها فكأنما أحيا الناس جميعا"، وإنما تحيى النفوس بالحرية، وعلى مبدأ الحرية تستقيم الحياة ويقوم الدين ويكون الحساب يوم الدين.

من يدعي "الحق الإلهي" بالحكم إلى قيام الساعة، لا يؤمن بحق الآخرين في الحياة والوجود، فضلا عن أن يؤمن لهم بالشراكة في المصالح، ويظل هدفه وكل ما يصبو إليه أن يقتنعوا -كما اقتنع- بأن مصلحتهم هي خدمته وتفضيله وتقديسه وتوليته والتنازل له عن كل شيء، وإلى قيام الساعة.

فكرة عدائية مصادمة للدين والفطرة لا يمكن أن تجد بيئة خصبة تقبلها إلا بيئة الجهل والتخلف، ودأبها تهيئة هذه البيئة لتبني فيها ملكها الكهنوتي.

لم يخرج عبدالملك الحوثي للعيش مع الناس منذ توليه رئاسة جماعة الحوثي.. يعتقد البعض أن الأمر لدواعٍ أمنية، وأن السبب هو الحروب التي كان يخوضها آنذاك، لكنه لم يخرج للعيش معهم أثناء انقطاعها، ولا بعد انتهائها، ولا أيام تقدمه نحو صنعاء، ولا في فترة سيطرته عليها.. يحرص أن تظل حياته مرتبطة بالكهف، ولا شيء يدفعه لذلك سوى إيهام الناس أنه مختلف عنهم، وأن الكهف نافذته إلى السماء، وقناته المتصلة بالله.

تجد بعض الأطراف الدولية ضالتها في هذا الكهف في سياق بحثها عما يضمن لها إثارة أسباب الاقتتال والتقسيم للمجتمع لليمني ضمن مخطط تقسيم الشعوب العربية على أسس طائفية، لكنها اصطدمت بالمجتمع اليمني وقد غادر هذا الزمن الكهنوتي إلا من قليل تحرص هذه الأطراف الدولية على استبقائهم كبذرة من بذور الشر تعتقد أنها ستجني منها كل الخير.

ادعاء الأفضلية على الآخرين بمرسوم ديني، وزعم الأحقية بالقرار والسيادة، إنما هو ادعاء للأمر الإلهي لخوض حرب مقدسة ومستمرة ضد الحياة والوجود. ومن يزعم أنه مفضل على الناس بأمر إلهي يوجب له الحكم والسلطة دونهم، لا يؤمن بمبادئ الديمقراطية والنظام والقانون وحقوق المواطنة، والغريب أن يغدو مقصدا لدول تزعم أنها تعمل ليل نهار من أجل دعم الديمقراطية وقيم الحرية واحترام حقوق الإنسان في اليمن والشرق الأوسط.

يخوض الشعب اليمني وبدعم من أشقائه الخليجيين –وعلى رأسهم المملكة العربية السعودية- حربا شرسة من أجل تحرير الأرض واستعادة ما تحقق من مكتسبات ثورة 26 سبتمبر المجيدة التي أسقطت كهنوتية النظام الإمامي في 62م، مقَدِّما في سبيل ذلك التضحيات بالروح والدم والغالي والنفيس، وإذا كانت القوة المسلحة ونزع السلاح من يد هذه الجماعة المليشاوية وأنصارها هي الطريق المفضي إلى السلام، فإن القوة العلمية والفكرية والثقافية لتحرير العقول هي الطريق بعد ذلك لتأمين هذا السلام لليمن والمنطقة وإكسابه صفة الاستدامة.

إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص