هذه هي مخاطر المسعى الأممي للحل في اليمن
يبدو أن المجتمع الدولي اليوم متورطٌ في تسويق خارطة طريق سيئة للحل في اليمن، بعد أن تخلى عن أدواته الفاعلة في فرض السلام عبر إنهاء كل الأسباب التي قوضت هذا السلام وأفسدت عملية الانتقال السياسي السلمي في البلاد.
لم يكن أحد يتصور أن مجلس الأمن سينحي قراره رقم 2216 الصادر تحت الفصل السابع جانباً، ليذهب إلى قرار جديد، لن يضيف شيئاً سوى أنه سيُبقي على مبادرة الحل الأممية سيفاً مسلطاً على الجميع دون أن يحد من “العمليات القتالية” بحسب وصف الأمم المتحدة، ويصفها اليمنيون بأنها حرب الميلشيا على اليمنيين.
كان السفراء الغربيون خلال جولات المشاورات التي تمت بين الحكومة والجماعة الانقلابية الموالية لطهران في صنعاء، يطالبون الجانب الحكومي بعدم الاتكاء كثيراً على القرار 2216، ما يعكس عدم رغبة القوى النافذة في مجلس الأمن على تنفيذه.
تمثل خطة الحل الجديدة التي فرضت على الحكومة والجماعة الانقلابية الموالية لطهران في صنعاء، الحد الأدنى من الموقف المتشدد من جانب القوى الكبرى، حيال الحكومة الشرعية وليس حيال الانقلابيين، الذين يبدو أنهم لا يزالون يمارسون جريمة الانقلاب في ظل تفهم واضح ولا يمكن إنكاره من الغرب الذين يصرخون في وجهه كل يوم بلعناتهم المعتادة.
فهؤلاء الانقلابيون بنظر الغرب، يقاتلون “القوى الإرهابية”، وهي المهمة السيئة التي اتسع نطاقها اليوم لتشمل استهداف المدنيين وحصارهم وانتهاك حقوقهم الإنسانية، وتحولت إلى جرائم متتالية من أعمال القتل والتهجير التي تطال سكان مدينة تعز ومحيطها وريف المحافظة وبقة المحافظات التي تشهد مواجهات عسكرية مع الميلشيا الموالية لطهران، علماً بأن محافظة تعز لم تكن يوماً ساحة لإرهاب القاعدة أو داعش.
حسناً يمكن للتحالف العربي أن يتفهم هذه الخطة أو يقبل بها، لأنها على ما يبدو لن تؤثر على دور التحالف في اليمن، ولكن في المقابل هل يتوفر لدى التحالف ما يكفي من الضمانات لتجنب غدر الجماعة الموالية لطهران في صنعاء.
ترتكز شرعية تدخل التحالف العربي في الأساس على طلب الرئيس هادي لهذا التدخل، وتستند أيضاً على القرار 2216 الذي يجري تحييده تماماً بمحاولة استصدار قرار جديد، صحيح أنه لا يقف النشاط العسكري للتحالف في اليمن، ولكنه لا يمنحه تفويضاً مفتوحاً كما كان الأمر في السابق.
كان الانقلابيون يطمحون إلى قرار ينهي الحرب ويرفع الحصار على وارادت الأسلحة لهم، هذا لن يتحقق من خلال القرار المرتقب الذي تسعى بريطانيا إلى استصداره من مجلس الأمن، لكن بقاء المنافذ البرية والبحرية والجوية مفتوحة كما ينص القرار، قد يسهل كثيراً من إمكانية تدفق الأسلحة إلى الجماعة الانقلابية الموالية لطهران في صنعاء.
ليس هذه هي النتيجة التي يطمح إليها اليمنيون، فهم يتمنون انهاء الانقلاب ومعاقبة المتورطين في هذا الانقلاب وليس مكافأتهم، لأن أسوأ ما في هذه الخطة أنها منحت الانقلابيين الذين ثار عليهم الشعب فرصة ادعاء أنهم أيضاً ثواراً وأصبح بوسعهم الإطاحة بالرئيس المنتخب بإجماع وطني لقيادة مرحلة انتقالية كان يفترض أن تقود البلاد إلى مرحلة من الاستقرار ومن الشرعية المستندة على المؤسسات الدستورية المنتخبة.
خطة ولد الشيخ تكرس المحاصصة التي كان يمكن أن تنتهي إذا مضى الجيش الوطني في مهمته إلى النهاية، لأن اليمن لا يحتاج إلى محاصصة بل يحتاج إلى دولة مواطنة وإلى تداول سلمي للسلطة أساسه الجوهري هو صندوق الاقتراع.
المحاصصة من شأنها أن تكرس المرجعيات الطائفية والمناطقية لقوى النفوذ التي لا تؤمن دائماً بالديمقراطية التعددية القائمة على المنافسة وليس على الاستحقاقات الثابتة.
وتأسيساً على كل ذلك فإن المضي في فرض خطة ولد الشيخ الأخيرة لن يجلب السلام لليمنيين، والوقوف عند منتصف الطريق ليس حلاً كذلك، وحينما ننادي بإبقاء الرئيس هادي رئيساً إلى أن يتم إنجاز ما تبقى من استحقاق الانتقال الديمقراطي تأسيساً على المرجعيات الثلاث: المبادرة الخليجية وقرارات مجلس الأمن ومخرجات الحوار الوطني، فإننا ندافع عن مشروع الدولة الاتحادية الذي يكاد ينهار بفعل هذا التوجه نحو تكريس المحاصصة ومكافأة القتلة والمجرمين.
 
 
 
إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص