عندما تزور الحرب وطنك، فهذا الأمر لا يشبه زيارة العيد في كل عام.
فكيف لو قررت الحرب أن تسكن وطنك وكل تفاصيل حياتك، أن تكون جارتك اللعينة التي تقابلها في كل منعطف تهرب إليه، في الوجوه والمباني وحتى القلوب.
هذه الحرب لن تشبه أي زائر قد يأتي..
حاشيتها المخيفة تلحق بها وتحل في كل ركن.
حاشيتها الموت والحزن والفقر والخوف الذي يبطش بقلوب الأطفال بعداء أزلي.
الحرب زائر يأكل منا نحن، يأكل شباباً في ريعان العمر، وأطفالاً يشتاقون للعيد ولا يرونه مجدداً.
يأكل أرواحاً لا تعرف إلا المعاناة.
الحرب تتقوى من أوجاعنا وترسم بريشتها الدامية لوحات أيامنا، علّت أنفسنا بمشاعر لا تشبهنا، عرفنا بوجودها الحقد والغضب والانتقام.
الحرب زائر خبيث يعمل تفتيتاً في مجتمعنا لتملأ هي تلك الشقوق برائحتها المقيتة تصافحك في كلمات الناس حولك من كانوا يوما أبناء وطن واحد.
من ذلك المنزوعة إنسانيته كي يرحب بالحرب ويشعل فتيل استقبالها ويعد لها المطابخ وموائد الجثث التي كانت عامرة بالحياة؟
وأنت نائم تتسلل في أحلامك، أصابعها السوداء تهدم سقفك، وقبلها قد هدمت نفسك ومعنويات وثقتك بالعدالة وبالبشر، وبرحمة قد تأتي وقد لا تأتي.
تمضي الحرب أيامها ولياليها بيننا فننسى كل نعيم مرّ علينا، هي تزرع ألغامها في قلوبنا فتنفجر في وجه الأحلام والأماني بزوالها عنا.
تباً لها هذه الحرب حرمت أطفالاً كثر من آبائهم، اختطفتهم وغيبتهم في جحيمها المتقد بطلب المزيد. تباً لها كم بعثرت من باقات زهر للطفولة على أرصفة المدن المدمرة!
تباً لها من زائر مقيم خطفت الأمان والصدق والثقة والحب من القلوب.