خضعت رجالات وأدوات الدولة العميقة لنظام علي صالح وقيادات واعضاء المؤتمر الشعبي العام الموالين له بإرادتهم المطلقة لسيطرة وادارة الحوثيين بعد ان مكنوهم من تسلم زمام الامور طواعية عبر الدفع بهم وإبرازهم باعتبارهم اساس و رأس الانقلاب على شرعية الرئيس عبدربه منصور هادي وحكومته ، وكما ظهر للعيان فأنه لولاء دعم علي صالح الكامل وتشجيعه لما اقدم الحوثة على هذه المغامرة ، كما ان نجاح الانقلاب ما كان له ان يتم لولا الدور الفاعل لأدوات نظام صالح واجهزته في الإعداد والتنسيق المنظم واشتراك مليشياته ومواليه من منتسبي مؤسسات الدولة المدنية والعسكرية وهم الذين سهلوا لعناصر جماعة الحوثي امكانية الحركة والسيطرة وفتحوا المجال أمامهم لدخول العاصمة صنعاء ومواصلة التوسع والانتشار على مختلف المدن والمحافظات واخضاع المواطنين فيها واحتلال مؤسسات الدولة ونهب مقدراتها ، حين ذاك لم يكن حجم جماعة الحوثيين ومكانتهم او ما لديهم من القدرات والامكانات تؤهلهم لتجاوز نطاق محافظة عمران ، ولو تتبعنا جيدا مسار الاحداث منذ بداية نشوب المواجهات في اطراف شمال اليمن وحتى اللحظة فأننا سنجد ان ثمة تتداخل كبير في تشكل الدوافع والاسباب التي زجت بعلي صالح وأركان نظامه نحو الاعداد للانقلاب والتحالف مع الحوثي فيه والتي توزعت ما بين الامتثال لنزعة الانتقام من كل الاطراف كردة فعل على مشاركتها لعزله وقبول الاطاحة به من على رأس السلطة نتيجة ثورة التغيير الشبابية الشعبية السلمية وبين الاستجابة للرغبة الجامحة لديه من اجل استعادة السلطة ، اضافة الى منطلقه في اعادة تقديم نفسه لدول المنطقة والإقليم كورقة مهمة تحوي من الامكانات ما يجعلها تحظى باهتمامهم وللاستفادة في مواجهة مد الحوثية المدعومة ايرانيا وغيرها من اطراف وتيارات الاسلام السياسي التي تصدرت لها اجهزة دول الإقليم ، اضافة الى اعتقاده وجماعاته بان حضور الحوثة ومقدراتهم لن يتعدى دور الكومبارس في احداث الانقلاب وبأن تقديمهم للواجهة لن يخرج عن كونهم مجرد غطاء لتمرير المشروع الانقلابي وحسب ، ولعل النية التي كانت من ذلك هي استخدامهم كأحد أساليب المغالطة للداخل والخارج على امل ان يتم بعد ذلك اعلان نظامه استعادته للسيطرة على السلطة والغاء دور جماعة الحوثي الهامشي ، ولكن احداث الايام التوالي جادت بخلاف ذلك وكان لهذه الحسبة ان تخيب وخابت معها وجوه أصحابها وكل من شاركهم المؤامرة او قبل العمل تحت إدارتهم للمضي بمسلك الانقلاب المشين ، اذ سرعان ما تمكن الحوثة من احكام قبضتهم الفعلية على مفاصل أساسية لمختلف اجهزة الدولة الرئيسية ونجاحهم كذلك في الحيلولة دون بقاء ادارة هذه الأجهزة بيد جماعات المؤتمر وأدوات صالح في الدولة ، حيث باشرت جماعة الحوثي العمل على نقل مهام وصلاحيات كل الهيئات التشريعية والتنفيذية للجانهم المعروفة بما بات يعرف بمسمى (( اللجان الثورية ) وإخضاع كل مسؤولي الدولة بمختلف المناصب والمواقع الإدارية في الأجهزة والمؤسسات التابعة للدولة لإشراف وادارة هذه اللجان وبالتوازي معها اقدم حوثة اللجان على اجراء سلسلة واسعة من التعيينات في مختلف المناصب والمواقع الإدارية الهامة وشملت هذه التعيينات تنصيب أشخاص تنعدم فيهم أدنى شروط التعيين في الوظيفة العامة وتوظيف اعضاء جماعتها ودمجهم بالمؤسسات الحكومية . هذا بالإضافة لطرق وممارسات اخرى كان قد عمد اليها عناصر هذه الجماعة لنهب الخزينة العامة والاستئثار بكل مقدراتها وخلق حالة من الفوضى في منح الترقيات والمزايا الوظيفية والتي حازها ذوي الحسب و النسب واستغلال التوظيف والتعيين لمصلحة الجماعة في الاستقطاب وكسب الولاء وليس ادل على حجم و مستوى حالة الفوضوية هذهمن ان ترى أطفال (( احداث )) لم يتم اغلبهم تعليمه الأساسي يتولوا ادارة العديد من دواوين الوزارات والهيئات العامة ناهيك عن ان تجد فيهم من بات يرتدي رتب عسكرية عليا بعضها تجاوز العميد والعقيد ، اضافة الى وضع اعدادا من العناصر الأمية واصحاب السوابق الجنائية على راس قيادات محاور والوية ووحدات عسكرية وأمنية او مشرفين عليها ، ولكون ذلك قد جاء بعد سقوط راس النظام السابق وقبل ان يتمكن الرئيس هادي وحكومته من تحقيق اي تغيير على طريق انتقال السلطة فأن معظم تلك الإجراءات قد جاءت على حساب الكثير من القدرات الادارية من اصحاب الخبرة والكفاءة الا انها طالت في محورها الاساس أركان نظام صالح الذين كانوا مستحوذين على النصيب الأكبر منها ونالت من قدرة ادواته في الدولة العميقة و مواليه من قيادات واعضاء المؤتمر الشعبي العام بالداخل المشاركة بالانقلاب والمدافعة عنه الامر الذي كلفهم كثيرا وبصورة فعلية وليت الامور تقف لهم عند سابق الكلفة المدفوعة حتى الان ، فلازال عليهم ما يجب ان يدفعوه بالضرورة فهنالك الكثير مما يسير تحت السطح وفوقه وسينتج عنها اثار بالغة باتجاهات عدة ، ويكفي منه ان نشير هنا إلى ان كما كبيرا من رجالات صالح ومواليه داخل اجهزة الدولة ومعهم اعداد من الكوادر المتمالئة اوالخانعة والخاضعة لإدارة الانقلابين من مدنيين وعسكريين وبينهم الكثير من الكوادر الوطنية امام خطر محدق وسيكونون عرضة لمذبحة كبرى بعزلهم واستبعادهم وظيفيا من خلال ( إحالتهم للتقاعد ) وللعلم فان اغلب هؤلاء وخاصة معظم رجالات صالح من الذين يتقلدون مواقع ادارية هامة بمختلف درجاتها هم ممن بلغوا احد الأجلين وفقا للقانون ، وهو ما سيجد فيه الحوثيون مبررا ذكيا للخلاص من رجالات صالح ودولته العميقة في إطار النيل من حجم وقوة تأثيره على طريق الالتفاف عليه والنيل منه ولعل الاسواء في هذة الخطوة وبهذا الظرف ان تكون مكافأة نهاية خدمة رجالات مؤتمر صالح وادواته في الانقلاب هي (( التقاعد بدون راتب )) .
الحوثي ومكافأة نهاية خدمة الانقلاب للمؤتمر
2016/11/28 - الساعة 03:45 صباحاً
إضافة تعليق