بالأمس سألني مذيع قناة بلقيس عن التحديات العاجلة المنتصبة أمام الحكومة فقلت له إنها تحديات عدة أبرزها التحدي الأمني فالبيئة الآمنة هي البيئة الكفيلة بجذب الاستثمارات ومن ثم فتح أبواب العمل وصناعة المنتجات وبعد ذلك تحدي إعادة الخدمات التعليمية والصحية والاجتماعية المختلفة وتفعيل جهازي القضاء والنيابة العامة لإعادة مسار العدالة إلى مجراه وغيرها من التحديات.
لم أكن أعلم أن ما جرى اليوم في معسكر الصولبان سيجري، لكنني كنت أستشعر أن العمليات التخريبية والنشاط الإرهابي لن يتوقفا إلا باجتثاث كافة الجماعات الإرهابية وسد الثغرات التي يستخدمونها للقيام بجرائمهم، واقتلاع جذور الإرهاب التي تغلغلت عميقا في تربة البلاد مستغلة تدمير الدولة واستشراء الفساد وضعف كفاءة القائمين على الأجهزة الأمنية والقضائية على مدى ربع قرن.
لن أتناول اليوم من يقف وراء ما جرى منذ أول عملية إرهابية فقد أريق حبرٌ كثيرٌ في هذه الجزئية المهمة لكنني سأتوقف عند ظاهرة عدم التعلم من الأخطاء ووضع الاحتياطات الوقائية لتجنب تكرار ما تكرر عشرات المرات.
أعرف أن الأجهزة الأمنية في عدن والقائمين عليها ليسوا كائنات خارقة ليستكشفوا جرائم الإرهاب قبل وقوعها، وأعرف جيدا أن ممارسة التخريب أسهل بكثير من مقاومته والوقاية من جرائمه، لكنني ما زلت مؤمنا بأن لدى الحكومة وأجهزتها الأمنية من الممكنات ما لم يستغل بما يكفي لمنع الجريمة وقطع دابرها وتقليل نتائجها المأساوية.
إن حشد المئات أو الآلاف من الشباب أمام بوابات المعسكرات وتركهم يتزاحمون على الوهم (أو حتى على الحق) في أوضاع أمنية مهزوزة يمثل مشكلة يجب ان لا تتكرر وعلى القائمين على حقوق الجنود أو الموظفين او المجندين أو شباب المقاومة ان يبحثوا عن طريقة أكثر أمانا لإيصال حقوق الناس دونما إجبارهم على التعرض لهذه المخاطر المميتة.
أعرف أن كفاءة الكثير من القائمين على حقوق الناس محدودة وأن الابتكار في الكثير من الأجهزة المختصة بمتابعة تلك الحقوق ما يزال غائبا ,ومغيبا لكنني أعرف أن الكثير من هؤلاء لديهم آلاف الأصدقاء على شبكة فيس بوك وعشرات مجموعات وواتساب ويتخاطبون مع الآلاف عبر وسائل للتواصل الاجتماعي هذه ، فماذا ستستفيد أجهزة الخدمات المالية والإدارية من هذه التكنولوجيا لتقليل تزاحم المستحقين وتنظيم دخولهم للمعسكرات افرادا أو جماعات وإيصال مستحقاتهم إليهم عبر نظام التحويلات دونما حاجة لمشقة المغامرات المحفوفة بالموت؟
ليس لدي صيغة جاهزة لحل هذه المشكلة إلكترونيا لكنني أزعم أن قليلا من العصف الذهني وتسخير ملكة الابتكار لحل مشاكل الناس بسلاسة دونما تعريضهم لخطر الموت بالاستفادة من التكنولوجيا الحديثة التي تحولت في معظم بلدان العالم إلى جزء مما يسمى ب"الحكومة الإلكترونية" أقول إنني أؤمن بأن استخدام هذه التكنولوجيا سيوفر الكثير من الجهد والتعب والبيروقراطية على الأجهزة المعنية كما يحمي الكثيرين من ضحايا الإرهاب الذين تجبرهم حاجاتهم الضرورية للمغامرة بأرواحهم في هذه المسمى فيس بوك المحفوفة بالخطر الماحق، خصوصا وأن دولة رئيس الوزراء ما يزال يتولى وزارة الاتصالات وتقنية المعلومات إن لم تخنني الذاكرة.
لقد لعننا الإرهاب والإرهابيين ومن يقف وراءهم مئات المرات وسنواصل لعنهم حتى بعد توقف جرائمهم لكن هذا لا يعفي القائمين على شؤون الأمن والخدمات المتصلة به والحكومة ككل من التعلم من الأخطاء وسد المنافذ التي يتسلل منها المجرمون ومن يقودهم للبطش بحياة الأبرياء إشباعا لشهوة العبث بالأرواح والدماء ومواصلة لسياسة القتل من أجل القتل.
ويبقى سؤال الذي ينبغي أن يجيب عليه قادة المعسكرات والقائمون على إدارتها وهو: إذا كان داخل معسكر الصولبان ثلاثة ألوية والشهداء المستهدفون هم من جنود المعسكر وألويته الثلاثة، أو حتى من العسكريين من خارج المعسكر فلماذا يبقى هؤلاء خارج المعسكر، فلماذا لا تصرف لهم حقوقهم داخل المعسكر وعبر ألويتهم ومن قبل قادتهم بدلا من حشرهم بالآلاف عند بوابة غير مؤمنة وفي وضع يجعلهم صيدا سهلا لجماعات القتل والإجرام؟
رحم الله شهداء الإرهاب وتغمدهم بواسع رحمته وأسكنهم جناته الفسيحة.
"إنا لله وإنا لله راجعون"
الإرهاب ما يزال حاضرا
2016/12/11 - الساعة 02:02 صباحاً
إضافة تعليق