العنوان أعلاه تصدّر مقال لي حين غادرنا أستاذ الإعلام وأسطورته يحيى علي علاّو في الرابع عشر من يونيو ٢٠١٠،
وهاهي الذكرى تحل اليوم وفي رمضان الذي كان لا يحلو إلا ببرنامج الشهير"فرسان الميدان"،
بعدك ياعلاو .سنوات عجاف يعيشها إعلام البلد،
كثيرة هي الميادين والقنوات وكثيرون هم الفرسان،ولكن للأسف الفرسان اليوم وحالهم مع الميدان والقنوات على غرار"سلاح بيد عجوز"،،وحدك كنت الفارس ووحده كان الميدان يذعن لانتصاراتك ويعترف بها،ومادونك اليوم ليس سوى صهيل في اصطبلات وعُواء في ساحات فارغة إلا من صراخ وعويل،
بعدك أيها الراحل الغائب الحاضر تعملق الأقزام بلا خجل وانتُهك دستور المهنة،
بعدك أيها التاريخ،فرغت الأمكنة وساد التجهيل والتبجيل،وحل زمان بلا نوعية وإعلام مجهول الهوية،
الخواء الفكري والمعرفي والمهني عمّ وتسيّد،وأسدل الستار بعدك عن محددات المهنة وقيمها،وربما أخلاقها،
حاول الكثيرون بعدك ابتكار أفكار على خجل فظلت مجرد محاولات،وتيقنوا بعدها أنك وحدك كنت عالماً من المعرفة وسيلاً هادراً من العلم يجرف الخرافات ولاتوقفه المصدّات العابرة،
ليت روحك الطاهرة تطل علينا من بعيد لتدرك كيف استأثرت الهزلية بالأثير،وغدت مهمة المذيع أيسر يسير،وكيف أصبح حتى تهجي الأسئلة من مذيعين جدّ عسير،،
آوت اللغة الى مثواها متحسرة،والمعرفة في العقول متحجرة،،الزمان بعدك عابر والإعلام عابس،
كنت تتجدد في برنامجك كل موسم في الفقرات وإضافة المسميات،وفي المحتويات وفي الأهداف والأساليب،مهما تعددت أجزاؤه،
اليوم تنتج القنوات أجزاء من برامج ومسلسلات تروج للإضحاك العابر،وتسترزق الرعايات بغير جدارة،،
تركت الوطن فتشظى،والكل فتجزأ،واكتوى الناس بنار تلّظّى،
في عهدك رممت شروخاً وحللت بر البلاد وبحرها وسهلها والجبل،أحبك الناس بلا تصنع،
-بعدك توارى الفاعل وغدا مجروراً،وحلّ زمن عجيب،،وأصبح مفهوم الإعلام"نعيقاً".