حينما قرر فدائيو فلسطين تغير بوصلتهم من استهداف الوحدات العسكرية للجيش الاسرائيلي الى تفجير تجمعات مدنية في تل ابيب.. لم تظهر الحكومة الاسرائيلية يومها كثيرا من الحزن بقدر ما استغلته حينها لتلصق بالمقاومة الفلسطينية وسم الارهاب دونما عودة..
حينها تفاعل العالم ليقول ان الفلسطينيين ارهابين فأكوام الدم والجثث كانت كافية لتشحذ زعيق الاعلام وتضغط على كل الحكومات .
بالطبع لا يجوز اسقاط هذه الحادثة التاريخية على ما دار في عدن من تصرفات ترحيل, فثمة فوارق واضحة في حجم العداء ونوع القضية , لكن الرابط المشترك كان في ان ثمة قضية عادلة تبحث عن طريقها للإنصاف , اما محامو هذه القضية فانجرفوا وراء تصرفات لا تشفي الا مزاج الغاضبين والمتسرعين دون تفكير بمألات القادم الذي دفع الجنوبيين ثمنه لا محالة..
و بمنأى عن السجال الاخلاقي الذي لا يبرر باي حق تسريح عمال وقطع ارزاقهم , او حتى السجال التاريخي الذي يتودد به ثلة من الكتبة رغم وهنه ليعروا القضية الجنوبية من بواعثها وافقها السياسي مدعين طابعا عرقيا لها.
بمنأى عن هذا كله فان حسابات السياسة والمصالح تكشف ضيق افق كل هذه الاجراءات ,, ولو انها امنية فقد استطاع القائد الجسور شلال شائع دخول سجن المنصورة بنفسه وتحريرها من الارهاب دون ان تتعسف قواته اي شمالي ،بينما ترحل قوات الحزام الامني مئات الشمالين لحجج واهية ..و أيا كان غرضها سياسيا فقد منحت خصوم الجنوب فرصة ذهبية لوصمنا بالعنصرية التي كنا قد تخففنا من حملها بعد تعاطينا مع الدول الخليجية التي اعترفت بقضية الحراك وحقه في السلطة..
لقد بنى الجنوبيون جوهر عدائهم للشمال على اساس طابعه المأخوذ بثقافة التغلب التي نهبت المال والسلطة ..وعليه فان جهود الانسلاخ من «الاحتلال» او «الديكتاتورية» او «العدوان» , او أيا ما كان اسمه يقتضي توجه الجهد صوب مراكز النفوذ التي تغولت طيلة المدة المنصرمة.. اما تفريغ فائض غضبنا ضد باعة جائلين جاؤوا لطلب الرزق دون نهب او تسلط , فان ذلك سلوك ان عبر عن امر فهو يعبر عن عجز سياسي وضيق افق ينبغي لنا كجنوبيين الاستفاقة منه..