الإشكالية هي في ضغط المستويات الثلاث و تقديمها كمسلمات يحقق بعضها بعضاً. فالجنوبي بالهوية هو ممثل عام للقضية و المتحمس للقضية هو نزيه إدارياً و كُفء و هذه العلاقات الغير منطقية تعيد ترتيب نفسها بمرونة و كفاءة غير اعتيادية في عقلية الشارع اليوم. و الناس تتيه على الواقع في تحديد موقفها من ممارسات جنوبييّ السلطة لكل هذا الاشتباك.
لنستوعب أن الجنوبية هي انتماء لكيان تاريخي يُعرف بشعب الجنوب و هو أمر لا يختاره المرء. بالتالي أن تختار تبنيّ قضية هذا الشعب أو لا تفعل لا يجعلك أكثر أو أقل جنوبية، كما لا يعطيك تاريخ مواقفك و معاركك الحق في تمثيل بقية الجنوب أو قضيته دون اعتبار لكامل من يشاركونك هذا الانتماء. و أخيراً و هو الأهم، فالثقافة الجنوبية ليست ماضٍ يُحفظ في ثلاجة التاريخ يسهل استرداده. هي كل ما شكلنا، يشكلنا الآن و سيشكلنا من عوامل سواءً اخترناها أم لم نفعل. عوامل إن لم ندرك مسؤوليتنا تجاهها فنحن نختار ملء الإرادة العيش في دور الضحية، و نُزيف الواقع عند القول بأن الجنوبي فاضل شوهته بالإكراه اليمننة.
الآن، نحتاج بصورة عاجلة لجراحة اصطلاحية تفصل كل هذه الأحكام المسبقة بالفضيلة و الحقوق الحصرية عن "الجنوبي". لنفسح للموضوعية المجال عند تقييم ممارسات كل من يستمد شرعية سلطته علينا أو تمثيله لقضيتنا من "جنوبيته". و لننقذ شعباً لازال يعتقد أنها الجنوبية بمفعول كالسحر في الوقاية من موبقات الزمان و تحقيق المعجزات.