إن اعتداء قائد اللواء 29 ميكا العميد ركن حميد التويتي على الجريح صف ضابط أنور حميد محمد عقلان ليس اعتداءً على مديرية المعافر ولا على الحجرية ولا على محافظة تعز التي قدم أبناءها والمدافعين عنها اليوم وعن اليمن ضمن الجيش الوطني أسمى التضحيات دفاعا عن الحق والعدالة والدولة وحرمة وقدسية الأرض الأم وسجلوا عبر كافة محطات التغيير الثورية صفحات خالدة في تاريخ حركة التحرر الوطنية.
إن اعتداء العميد التويتي على الجريح المساعد أنور حميد المعافري ليس اعتداء على تعز التي كانت ولاتزال رمزاً لصمود الإنسان اليمني والتعبير المكثف للإرادة الحرة لكل مواطن شريف يدافع عن حقه ضد قوى البغي والعدوان الداخلي.
إذن من هو المعتدى عليه وما دلالة وجوهر الإعتداء؟
قبل الإجابة على السؤال ثمة ملاحظة من الجدير الإشارة إليها لاتصالها بالإجابة على السؤال وهي:
أنه للأسف الشديد أن تعاملت كثير من الردود إزاء الحادثة بتشنج سواء من قبل الذين استهجنوا الموقف واستنكروه أو من قبل الذين راحوا يختلقون المبررات للضابط التويتي أو من الذين ذهبوا بعيدا في تحليل الحادثة إلى اتهام ابناء تعز بمرض الطائفية وبتكبيرهم للحادثة.
نعم ... كان يجب أن تقرأ الحادثة من الدلالة والجوهر التاليين:
_ إن الدلالة التي يجب أن نستنتجها بهدوء من ذلك الاعتداء الواقع على مساعد جريح أنه لم يكن ضد الجريح نفسه وإنما كان اعتداء بحق كل جرحى الحرب في صفوف الجيش الوطني اليمني.
_ إن الجوهر الاخلاقي الذي ينبغي أن ندركه من حادثة الاعتداء تلك أن الاعتداء لم يستهدف قدسية تضحيات أبناء المعافر والحجرية وتعز فحسب وإنما اعتداء على تضحيات كل اليمنيين في هذه الحرب التي نخوضها ضد القِوى الانقلابية الغاشمة.
_ من الدلالة السابقة مالذي يمكن أن تتركه الحادثة من أثر سلبي ليس في نفسية الجرحى فقط بل وكل أفراد الجيش الوطني المقاتل؟
تعالوا نتمعن في مفردات قائد عسكري حقيقي كان من خيرة الضباط والقادة في الجيش اليمني في أخر مكالمة له إنه القائد الشهيد محمد العوني أركان حرب اللواء 35 مدرع في اتصال لأحمد الوافي مفردات تنص على ما معناه (أبلغ الحكومة والقيادة السياسية ودول التحالف أن الجندي إذا استشهد ترتفع معنويات أخيه الجندي الباقي على أرض المعركة ويواصل القتال للانتقام لزميله وتحقيق الانتصار لكن الجندي عندما يرى زميله يتعرض لإصابة ويلقى الإهمال وعدم العناية والاهتمام فإنه يصاب بالاحباط واليأس)... من كتاب بطل في قلب العاصفة... القائد الشهيد محمد العوني.
هذا إذا رأى الجندي أو الجنود إهمال الدولة لزملائهم فكيف وهم يرونهم لا يهملون فحسب بل وتصادر رواتبهم وتهان كرامتهم؟
نعم في الوقت الذي يقتضى فيه سرعة معالجة وضع أي جريح بدعمه بأي مبلغ ريثما يعاد راتبه المستحق إذا به يتعرض للاعتداء النفسي والجسدي بضربه بحذاء على وجهه.
كثيرة الأسئلة في هذا السياق ستجول في خلد جنودنا وهم يتخيلون أنفسهم في ذات الموقف الذي عاش تفاصيله المريرة الجريح المساعد أنور المعافري.
من هذا الاستقراء الهادئ للحادثة يجب أن تنطلق المعالجة للموضوع فيتم التحقيق في الأمر والبت به ليعرف كل أفراد الجيش بما اتخذ من حل بشأن الحادثة حلا يشبع قناعاتهم الوطنية والأخلاقية والإنسانية.
إن عدم البت في قضية المساعد أنور المعافري بما يحق الحق ويبطل الباطل ستنجم عنه أثارا سلبية لن تقف عند تخوم نفسية أفراد الجيش الجنود فحسب وإنما ستطالنا نحن الذين لا ينتمون للمؤسسة العسكرية في وعينا الاجتماعي والسياسي والثقافي والوطني.
نتمنى أن نسمع من القيادة السياسية أخبارا سارة لا تعيد الاعتبار فقط للجريح وإنما للجرحى وجميع جنود الجيش الوطني ولشعبنا كافة.
إن اليد التي امتدت للطم مساعد جريح بحذاء وأشهرت في وجهه المسدس إنما لطمت كل جرحى الحرب واحتقرت كل نضال شعبنا اليمني ضد قوى البغي الهمجية.
نتمنى من القيادة السياسية أن تفاجئنا بما يثلج صدورنا من موقف إيجابي إزاء الحادثة هذا إذا كنا جادين حقيقة في تحقيق الانتصار على الانقلابيين ونمتلك النية والهدف القويين لبناء جيش وطني حديث يتمتع بعقيدة عسكرية صحيحة ومتميزة.