من دولة عدم وفاشلة إلى دولة لامركزية في كل المحافظات!!!


 سأدخل بالموضوع مباشرة وأقول:
إذا ما ذهبنا نعاير أو نطابق المعايير العامة - المعروفة في عدد من التقارير الدولية كمعايير أو مؤشرات أو سمات وعلامات للدول الفاشلة - على حالة اليمن خصوصا في هذه الأثناء التي نعيشها سنكتشِف أن هناك معيارين باتا لا يصلحان لمطابقتيهما بحالة اليمن الخاصة لأنها أمست تعيش في مجالين أسوأ من مؤشري ذينك المعياريين الذين يمكنني تسميتهما بمجالي(عدم أو انعدام وجود الدولة) وتتطابق مع بقية المعايير حَرفاً بحرف (الدولة الفاشلة).

أولا: عدم وجود الدولة

المعيار الأول الذي لا ينطبق على حالة اليمن لكونها أسوأ من مؤشره هو "وجود حكومة مركزية ضعيفة أو غيْر فعّالة".
لا يحتاج أحد إلى شرح هذا المعيار الذي يتحدث عن وجود حكومة مركزية ولكنها ضعيفة وغير فعالة فعلى أرض الواقع كانت هذه الحكومة المركزية الفاشلة موجودة في صنعاء طيلة سنوات حكم صالح وامتد تداعيات استمرار فشل الدولة إلى ولاية خلفه هادي.
غير أن الانقلاب الذي قام به المقلوع المخلوع صالح عفاش بالتحالف مع بقايا خلايا الملكية العائدة بجلباب الهاشمية السياسية وعلى رأسها الحوثية خلق أي الانقلاب الأسود واقعا جديدا نقل الدولة من خط الفشل الذي توجد فيه حكومة مركزية فاشلة إلى تحت خط الفشل الذي لا تمتلك الدولة فيه حكومة في أي مكان من الدولة.
منذ اندلعت الحرب والسلطة الشرعية ليس لديها سوى حكومة شكلية وليس لهذه الحكومة سوى الإسم فقط.
مر عامان وبضع شهور من عمر الحرب وتحررت المساحة الأكثر من البلاد ومع ذلك لم تستطع الحكومة أن تحدد محافظة معينة تدير منها مهامها وواجباتها المختلفة على الأقل في المحافظات والمناطق المحررة منها.
حتى اليوم وليس ثمة أثر ملموس للحكومة اليمنية على الأرض.
إزاء هذا العدم للحكومة فإن الدولة لا تبقي رازحة عند خط وجودها كدولة فاشلة فقط وانما تحت خط الفشل وهو أمر في منتهى الخطورة لما يترتب عليه من نتائج خطيرة لا حصر لها ستقف بفترة ما بعد الحرب كعقبات معقدة في طريق بناء الدولة.
وهذا الأمر يقتضي أمامه من السلطة الشرعية سرعة إعادة الحكومة إلى عدن أو مأرب أو حضرموت أو سرعة تحرير مدينة ومحافظة تعز لكونها أنسب محتضن للحكومة لتقوم بمهامها على نحو لا مركزي انطلاقا من أن كل محافظة بذاتها تعد نواة مصغرة للحكومة.

 
أما استمرار بقاء الحكومة لا كحكومة منفى ولا كمركزية في مكان ما من اليمن ولا كحكومة لا مركزية فإنه يجعل الدولة في حكم العدم.

- المعيار الثاني الذي لا ينطبق على حالة اليمن لكونها أيضا أسوأ من مؤشره هو " انحِدار اقتصادي حاد".

نعم ... يصدق هذا المؤشر عند حالة الانحدار الإقتصادي الحاد للدول والذي كانت اليمن عليه منذ أكثر من عقدين هذا إن لم يكن منذ ما قبل قيام دولة الوحدة.
معلوم أن الحالة الاقتصادية لليمن منذ بداية الحرب حتى هذه الساعة ترزح تحت خط مؤشر الانحدار الإقتصادي الحاد و بتعبير آخر تشهد البلاد حالة شلل اقتصادي مرعب فالحياة الإقتصادية تنازع في كافة مظاهرها العامة والخاصة والمختلطة وتقف عند حواف العدم الإقتصادي.

ثانيا: معايير الدولة الفاشلة:
لن أخض في شرح هذه المعايير على الأقل في هذه المقالة تاركا الفرصة لكتاب أخرين المساهمة في إسقاطها على الحالة اليمنية مع الأخذ بعين الاعتبار أن واقع الدولة في اليمن من المؤكد أنه بات أسوأ بكثير من هذه المعايير التي كانت ربما تتجاور وحالة الدولة في حكم صالح عفاش وتجاوزتها إلى الأسوأ كنتيجة طبيعية ولكن اللاطبيعي هنا أن لا تعطي السلطة الشرعية اهتماما كبيرا لا يقوم على بطئ استعادة الدولة الفاشلة وإنما على سرعة تأسيس دولة لا مركزية تقوم على شعار مؤقت فرضته طبيعة الانقلاب والحرب فحواه" كل المحافظات مركزا للدولة وكل الدولة متمركزة في كل المحافظات".
ومن هذا المنطلق ستستطيع السلطة الشرعية تجاوز عوامل ومعايير الفشل القائمة والمتجلية مظاهرها بالتالي:

- فقدان الدولة السيْطرة المادية على أراضيها و بتعبير أخر فقدان الدولة احتِكار شرعية استِخدام القوّة داخل أراضيها.

- تآكل وتحلل سلْطتها الشرعية في مجال اتِّخاذ القرارات الجماعية.

- عدم قُدرة الدولة على توفير الخدمات العامة لمواطنيها.

- تحوّل الدولة إلى ساحة للصِراع إما بين الدّول المجاوِرة لها أو بين الدول الكُبرى.

- وجود حكومة مركزية ضعيفة أو غيْر فعّالة (شرحته اعلاه).

- الفشل في بلْورة هُوية وطنية موحّدة.

- تفشّي الفساد والإجرام على نطاق واسع.

- انحِدار اقتصادي حاد (شرحته اعلاه).

...........
ملاحظة:
- المعايير التي أوردتها في المقالة مصدرها تقرير مجلة فورين بوليسي وعدد من التقارير الدولية استفدت منها بتصرف كبير
 
 
* ملاحظة : هذا المقال خاص لموقع المستقبل أونلاين الأخباري*
إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص