حظي قرار تعيين صاحب السمو الملكي محمد بن سلمان وليا للعهد بالمملكة العربية السعودية بتفاعل كبير ما يزال مستمر من مختلف الاوساط داخل المملكة وخارجها وكثرت القراءات والتحليلات تجاه اهمية هذه الخطوة وتبعاتها وكان لليمنيين حضور بارز ضمن موجة التفاعل هذه خاصة الاحزاب والقوى السياسية ورجال السياسة والاعلام في صورة عكست مدى الترابط بين ابناء اليمن واشقائهم في السعودية وباقي دول الخليج بحكم الطبيعة الجغرافية وبفعل التشابك المصيري المشترك الذي فرضته المرحلة الحالية باحداثها الجديدة .
لكن تفاعل القوى اليمنية ونخبها السياسية والاعلامية انتهى عند حد الكفاية بتقديم التهاني لسمو ولي العهد والتفاؤل بما يمكن ان يقدمه تجاه استمرار دور الاشقاء في المملكة الداعم والمؤازر لليمن مع ان الواقع يفرض عليها غير ذلك فقد كان الاحرى بكل المكونات اليمنية مواصلة قراءتها لهذه الخطوة والوقوف عليها من جوانب اوسع مما انحصرت عليه باعتبار ذلك يمثل تحولا محوريا اقدم عليه الاشقاء من منطلق اهمية مواكبة اللحظة والاستجابة لضرورات التغيير والتجديد التي تكاد ان تشمل كامل المنطقة العربية والمتسعة في العديد من الدول الكبرى اخرها فرنسا .
كما كان الاجدر بالنخب السياسية اليمنية بمختلف مستوياتها وتكويناتها ان تجعل من هذا التحول مناسبة هامة لاعادة فحص وتقييم الاوضاع الحاصلة داخليا وخارجيا والتفكر فيما كان من هذه التحولات وما يجب ان يكون وصولا لان تعي لمغزى هذه التبدلات وما يتمخض عنها من حقائق ضاغطة وفهم مدى اهمية انعكاس ذلك عندها بخطوات مماثلة داخل منظومة الشرعية وبالذات منها البرلمان وفي اطار الهيئات القيادية للاحزاب السياسية الكبرى ومكونات الحراك الجنوبي .
وانتهازهذا التوقيت لتجنب الضغوط الواقعة على بعض الاحزاب بحكم المستجدات الحاصلة بالإقليم واستثمار هذه الظروف من اجل التحرر من قيود ارتباطاتها الايدلوجية والتبعية وتطوير برامجها وبنيتها المؤسسية لتتحول الى احزاب ديمقراطية معنية بالشأن الوطني وبما لايتجاوز حدود الوطن وعدم تفويت هذه الفرصة التي قد لا تتكرر والاستفادة من تجربة الحزب الاشتراكي اليمني في هذا المجال والذي غادر رؤاه السياسية والفكرية التقليدية واساليب نشاطه السياسي القديمة التي كانت محكومة باطار فكري ايدلوجي مغلق .
على الا تنكمش اهمية الوعي والادراك لدى الاطراف المعنية وفقا لهذة التطورات عند مستوى مهمة الحفاظ على السلامة وحسب اذ لابد من التهيؤ للعمل في سياق التجاوب المنطقي لمتطلبات التجديد والتغيير في البنى المؤسسية للدولة والاحزاب السياسية ومكونات الحراك الجنوبي والتي اظهرت الاحداث عجزا كبيرا في قدرات هيئاتها القيادية وبرزت معها الحاجة الماسة للتحرر من هيمنة قوى النفوذ التاريخية المتسيدة على ادارة المشهد على المستوى الوطني واستئثارها بالقرار وبالذات منها من لا تزال تصر على اجترار الماضي واحتوى الجديد عند حدود تفكيرها الجامد والمتوقف بحدوده وافاقه عند محطات معينة لم تستطع مغادرتها او الخروج من تبعاتها السلبية واثارها النفسية المتخلقة لديها نتيجة لذلك وعدم استعداد أي منها للاعتراف بالاخطاء السابقة واللاحقة التي وقعت بها اضافة الى ما يشكله بقاء بعضها في عليا الهرم القيادي من عقبة حقيقية امام تحقق أي تحول في مجرى الاحداث وصعوبة الوصول لاي تسوية مناسبة .
ومما ينبغي ادراكه هنا اننا بهذا الطرح لا نستهدف اشخاص بعينهم ولا نقلل من الادوار النضالية والعطاءات الوطنية لاي منهم ولكننا نتناول ظاهرة عامة لم يعد من المناسب السكوت عليها فكما هو ظاهرا للعيان فأن معطيات الاحداث وطبيعتها وعجز المستحكمين بالقرار والمسؤلين عليه عن مواكبة حجم التحولات هي من وضعتهم عند هذا الحال الذي لا يريدونه ولا نريده بكل تأكيد ولعل الاسباب في ذلك ترجع بالطبع الى عوامل عديدة بعضها متعلق بالعمر لبعض هذه الهامات فالغالبية منهم ( اطال الله في اعمارهم ) باتوا في مرحلة الشيخوخة وبعضها عائد الى ماض عمل بعضهم وخشيتهم من تكشف بعض جوانبها خشية الادانة التاريخية والمحاسبة اضافة الى عوامل اخرى غيرها لا يتسع المجال لذكرها.
وبناء على ذلك فان مما ينبغي التأكيد عليه في هذا المجال ان موجات التغيير التي تفرض نفسها مجددا عالميا وتعقب مرحلة الربيع العربي بشكل مباشر تجعل من قضية التجديد داخل المنظومة السياسية اليمنية الرسمية والحزبية ومكونات الحراك الجنوبي ضرورة حتمية وواقعية ( بل وشرعية ) وبما لا يسمح بتاتا بتعاقب نفس الأشخاص كما وتستدعي من الجميع تدارك عواقب التكاسل عن تحقيق التجديد او التعامل تجاهه باي شكل من اشكال التحايل المعتادة والتبعات السلبية لذلك على مسيرة الوطن و مستقبل اجياله والاقرار بأهميته كخطوة رئيسية على طريق الحل لازمة اليمن باستكمال التغيير وانتقال السلطة التي اوجبتها تقلبات الاوضاع المتلاحقة في طبيعة الاحداث ومساراتها على مستوى اليمن والمنطقة بدء بالحراك الثوري الاجتماعي المتمثل بالثورة الشبابية الشعبية السلمية وما تلاها والتسليم بحق الشباب في قيادة التحولات وادارتها وتعطشهم لتغيير اساليب القيادة والحكم القديمة .