عن المقاومة الفكرية ...مدخل تمهيدي

عندما قرأت عبارة شكسبير "مداد الكاتب مقدس مثل دم الشهيد" لم اهتم لهذه العبارة كثيرا اﻻ عندما تابعت هذا الحراك الفكري او ما يمكن تسميته بالمقاومة الفكرية، أو  المقاومة بالكلمات التي تتم بالتوزاي مع المقاومة الميدانية ضد اﻻفكار التي لها عﻼقة بالوقوف ضد مشروع الدولة ومشروع الحياة بشكل عام .

اليوم وأنا امر من هذه المدينة واشاهد تلك  المباني التي تعرضت للقصف من قبل المليشيا تذكرت ان كل خلف قذيفة سقطت على تعز ، خلفها فكرة محرضة على الدمار الشامل منذ اﻻنقﻼب ومحاولة اجتياحها.

هذا الذي يقف اﻵن خلف دبابة سوفتيل يطلق سيلا من القذائف ما كان له ان يضغط على زر اطﻼق القذائف لو لم تكن جمجمته فيها أفكار مغلوطة  عن هذه المدينة التي يعتقد انه يحارب التكفيريين  او من يصفهم زعماء انقﻼب ايلول اﻻسود "بالدواعش".

بقذائفه تلك  قتل ما يزيد عن ألف قلم من أقلام هذه المدنية العظيمة الصامدة ، وبنقاطه العسكرية المنتشرة في أرجاء البلاد، قد كمم واعتقل آلاف الكلمات الحرة حتى أصبحت السجون نفسها تبكي ألما.

منذ أن اكتسحت اﻹمامة السلالية عموم اليمن منذ مئات السنوات  وهي تحاول أن تخمد الفكر المتنور فلاحظنا ذلك كثيرا في  حروبها ضد اليمنيين و التي قتلت الكتاب والعلماء والمثقفين والسياسيين الذين يخالفوا سياستها، ومن جهة أخرى أصدرت الكثير من الفتاوي المحرمة ﻷي فكر متنور ترصد من خلاله بعدا قد يمثل خطرا لاحقا من حقه أن ينهي حكمها.

واليوم ندرك  أن تسليح الشعب فكريا لا يقل أهمية عن التسليح العسكري للمقاومة ، وهو ما يمثل خوفا وخطرا حقيقيا ضد الفكر الامامي السلالي المنغلق ،  لذلك سرعان ما تم استخدام المساجد والمدارس  وكل منبر متاح لعملية الغسيل الفكري ابتداء والترويج لفكرة الإمامة تحت خرافة آل البيت وأحقيتهم في الحكم  ، وفي المقابل أنتج الفكر المتطرف للحوثيين ظهور فكر ديني مضاد أخر بنفس الدرجة من التطرف والغلو يظل خطرا على مشروع الدولة المدنية الضامنة للمواطنة المتساوية وهو ما يستدعي مقاومة فكرية من نوع أخر تنطلق من فكر الدولة المدنية الضامنة لكل اليمنيين .

وقبل ان افكر في كتابة المقالة، تصفحت العديد من افكار الشباب في مواقع التواصل اﻻجتماعي والمواقع الصحفية وشعرت ان هنالك مقاومة فكرية واسعة تنمو كل يوم لها عﻼقة باستعادة الحياة واستعادة الدولة ونبذ التطرف الفكري الذي من حقه أن يخدم السلالة الطائفية وجماعات أخرى، وتستفيد بطريقة أو بأخرى من دفن العقول اليانعة في مستنقعات التخلف.

ومع انتباه الفكر المتطرف لبعض القوى الدينية سواء الخاصة بالفكر السلالي الطائفي أو الأخر الديني  المضاد له بدأت تصفية تلك العقول التي خرجت من قمقم دولة ولاية الفقيه أو أوهام الخلافة ولكن ذلك لم يقف عائقا أمام ازدياد عدد الكتاب القارئين للحياة السياسية أو الفكرية بشكل جيد ، وأرى نسبة عالية من تداول كتب وروايات إلكترونية في مواقع التواصل وكلا يتباهى بالكمية التي قد قرأها وعدد الكتاب الذين يحب القراءة لهن، وذاك بدأ في كتابة الشعر وذاك تعلم دراسة الرسم والموسيقى.

هكذا هي المقاومة الفكرية التي بدأت تنضج اليوم  وهذه هي العقول التي  نعول عليها في إنهاء الحرب العبثية القائمة على الفكر المتطرف  بما يعزز مشروع المقاومة الفكرية الرافدة لمشروع الدولة المدينة والهوية الوطنية اليمنية وهو ما يجب علينا أن نوسع الكتابة فيه وتناوله في كتابات أخرى أكثر تفصيلا .

* سكرتيرة موقع المستقبل اونلاين 

إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص