حتمية التدخل الدولي في الحديدة


كل المؤشرات الراهنة للوضع المعيشي والانساني في اليمن،تؤكد بمالايدع مجالاً للشك ،أن المبادرة التي تقدم بها المبعوث الأممي ،بخصوص ميناء الحديدة ،ليست مجرد مبادرة مطروحة للنقاش والاخذ والرد كالمبادرات الاممية السابقة.
بقدر ماتعني لنا أنها مبادرة إضطرارية تتضمن خارطة عمل لإجراء تدابير إنقاذية مستعجلة يتطلب من النظام الدولي القيام بها على وجه السرعة .
إذ تهدف لانقاذ أكثر من نصف سكان اليمن المهددين حاليا بالاختناق المعيشي الوشيك ،جراء إنقطاع رواتب موظفي  الحكومة ومعهم غالبية القطاع الخاص ولفترة ستبلغ عام كامل مع نهاية اغسطس الجاري.
الوضع الذي ادى إلى تجفيف مصادر السيولة النقدية وتوقف الانشطة الناتجة عن تداولها في الاسواق المحلية،مما ادى الى بروز مخاطر معيشية تفوق مخاطر الحرب والدمار .
وإدراكاً من ممثلي النظام الدولي لمخاطر مثل هذه الأوضاع ،فقد حددت المبادرة الاممية سالفة الذكر في اولويات أهدافها الية تنفيذية لصرف رواتب موظفي الحكومة  في عموم المحافظات اليمنية وفق قنوات واليات مصرفية مرتبطة بالسياسة المالية لحكومة اليمن الشرعية ممثلةً بالمصرف المركزي في عدن.
وعلى الرغم من الاهمية البالغة للمبادرة على حياة اليمنيين ،إلا ان طرفي الانقلاب في صنعاء تعاملوا معها بذات الاساليب التعنتية السابقة واعلنوا رفضهم  للمبادرة دونما اي إعتبار لاوضاع شعبهم.
والحقيقة إننا لانستغرب لمواقفهم الرافضة ،ولايمكن ان نعول عليهم الاسهام في انقاذ شعب يكاد يلفظ انفاسه الاخيرة تحت وطاة سطوتهم الانقلابية العابثة.
فالمعروف من تجارب الشعوب لدينا  ان طبيعة القوى الانقلابية المتمترسة في اوساط سكان اي بلد ،غالباً ما تعمل على إهدار كافة فرص الحلول السلمية المواتية ،وتعمل ايضاً على إعاقة وإحباط كل الجهود الخارجية بمساعيها الرامية لانقاذ حياة المواطنين الواقعين في  قبضتهم .
وهذا مايحدث تماما لملايين اليمنيين الواقعين في قبضة الميليشيات الحوثية ،المتمترسة في غالبية المدن المكتظة بالسكان واهمها مدينة الحديدة.
وفي هذه الحالة تتفاقم حجم المسؤلية الانسانية الواقعة على جانب الامم المتحدة ،باعتبارها الجهة المناط بها تنفيذ القانون الدولي والانساني فيما يتعلق بانقاذ المجتمع اليمني المهدد بالمجاعة والانهيار الكارثي ،نتاج حرمان الناس من مصادر دخلهم الشهرية ،العائل المعيشي الوحيد لغالبية الاسر اليمنية، ناهيكم عن بقية المعاناة الاخرى التي يتكبدها اليمنيين من حروب وامراض قاتلة متفشية ناتجة عن إستمرار الانقلاب، وغياب الدولة ومؤسساتها المختلفة.
ومن هذه المعطيات الواقعية ،يتبين لنا ان مبادرة الحديدة  بضرورتها الانسانية ،لاتحتمل  الرفض من اي طرف يمني ،ولاتحتمل التنصل أو التراجع من النظام الدولي ولامجال للمناورات السياسية بهدف كسب مزيدا من الوقت ،ولايسمح التوقيت  بمدارات الاطراف الانقلابية في صنعاء،من قبل الامم المتحدة كما اعتادوا عليه طيلة فترة الحرب، فالواقع اليمني لم يعد يحتمل مزيدا من الخذلان الدولي باي حال من الاحوال
والظروف التي الت اليها اوضاعنا الانسانية والمعيشية ،تضع النظام الدولي والاقليمي على محك الاختبار الفعلي والمسؤلية الفعلية،ولم يعد بحوزة الامم المتحدة ماتفعله في اليمن اوتتحدث عنه سوى الشروع العاجل في تنفيذ مبادرتها الانقاذية لليمنيين ،وباي وسيلة كفلها القانون الدولي وتحتمها حاجيات الواقع اليمني.

إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص