لم يترك لنا نزاع وصراع الأخوة الأعداء في الوطن أي موطن لجمال في حياتنا،،أوقعونا رغما في دائرة قبحهم ونرجسية مصالحهم الضيقة،،حتى انغرس برؤوس كثير من أبناء البلد أن مصلحة الوطن لا تخرج البتة عن مصالحهم، بل واستطاعوا تاليا جرهم لمربع صراعهم المريض تحت ضغط الظروف الاقتصادية للقتال مع هذا الطرف أو ذاك،،
والسبب هذه المرة ليس "عساكر الحلالي" كما تهكم قبل قرون شاعرنا الكبير د٠ سعيد الشيباني، إنما تعددت في الراهن صورة الحلالي القاتمة، فأصبح الوطن ينضح بآلاف الحلالي، فالقائد العسكري حلالي آخر، والشيخ القبلي حلالي قبيلته، وشيخ الدين والطريقة حلالي مسجده ورؤوس تابعيه،،والسيد بالنسب المكي حلالي عترته ومتشيعيه،،والأكثر فسادا وجريمة حلالي جمهور القتلة والنهابة وقطاع الطرق،،وصاحب مرجعية المذهب حلالي متشنج يترك لسانه على غاربها لدس السم إيذانا بإكمال عصبية الجاهلية الأولى من قبل متعصبي المذهب، وبقر بطون المخالفين،،
لم يعد بالإمكان، حاضرا الحديث عن كرامة إنسانية أو حقوق آدمية، فما بال بالحديث عن كرامة وطنية ،سيصعب لملمتها على الأقل على مدى أعوام قادمة، فكل مؤشرات الراهن ضبابية، والتنبؤ بمستقبل آمن حافظ لكرامة إنسان وبلد فقدا رشدهما، سيغدو حرثا في رمال يستحيل انتظار ثمارها، مثلها مثل قيعة يحسبها الظمآن حياة، فيما الوصول إليها خاتمة الأمل بالعودة مجددا إلى مركز الانطلاق باتجاهها، كونها سلبته بقية القدرة على الحركة، وأفقدته تفاؤله بممكنات وبدائل حياة في دائرة لا تحفل البتة بأي مقومات حياة قد تتسرب وسط كل ذلك الرمل الممتد،،
ما أشبه وطننا بتلك الرمال! وما أفزع أملنا بمستقبل كريم في قيعة وطنية يصورها لنا منجمو الصراع الحاليين "الحلاليين" خلاصا ،فيما هي لا تعدو عن أضغاث أمل بحياة لا وجود فيها لكرامة وطن وبشر،،وربما لا أثر فيها للحياة أصلا٠