عن اليمن بعد صالح

في الحفل السنوي لوزارة الخارجية البريطانية هذه الليلة الثلاثاء ١٢ديسمبر ، تحدث معي كثير من الدبلوماسيين عن اليمن بعد صالح ، ومنهم من عرفه عن قرب حيث عملوا كسفراء أو أعضاء بعثات لدول مختلفة في اليمن .

كان ردي دائماً إن صالح إختار نهايته على النحو الذي تم ، ولم يجبره أحد عليها .. الذين اختلفوا معه سياسياً اختاروا له نهاية مختلفة ، ولكنه فضل إختياراً آخر ، ربما بحسابات لم يضبطها جيداً . أما اليمن فلا يتقرر مصيره برحيل أي شخِّص مهما كانت مكانته .

صالح أصبح في ذمة التاريخ ، سيتصادم موقف من انتفعوا بنظامه مع المقموعين من نظامه ، وهناك وسط واسع يتحرك في هذه المساحة ما بين المنتفعين والمقموعين .

ومع ذلك هذا ليس وقت الصدام فالمستقبل لا يتقرر من خلال استقطابات الماضي ، وإن بدا أن البعض لا يزال يمارس الانتقائية في تقرير مصير هذا المستقبل باختيارات لا تنم سوى عن قناعات عجائبية ترهن كل عملية التغيير بالكولسة الذرائعية التي لا تخلو من منفعة .

المؤتمر لا بد أن يتحرر من هذه الذرائعية التي حكمت مساراته وأضعفت دينامياته الداخلية ، وأبقته رهين القرار الذي يصوغه المتنفذون . كان أعمق تعليق سمعته من أحد الدبلوماسيين الذي أمضى في اليمن سنوات ، قال : صالح كان يتمتع بإحساس الشخص القادم من قاع المجتمع ، لكنه ليس إحساس الساخط على وضعه الاجتماعي ، ولكنه إحساس الخجلان من هذا الانتماء، ولذلك عاش حالة من التناقض بين الشعور بانتمائه الى قاع المجتمع من ناحية ومحاولته استخدام أدوات القوى التي تقف على النقيض من هذا القاع الذي ينتمي إليه. لذلك كانت فرصه ضئيلة جداً في استبدال مكونه الاجتماعي الحقيقي بالرغم من استخدامه لكل نفوذ السلطة ، فقد ظل في نظرهم "عفاش" القادم من قاع المجتمع .

وعندما قتل كان هذا الشعور حاضراً بقوة عند القوة التي اتخذت قرار قتله بالرغم من كونه رئيساً لليمن أكثر من ثلاثة عقود . كان الحديث في معظمه معبراً عن إهتمام كبير بما يجري في اليمن ، ومن خلال الحديث شعرت أن اليمن كبير بتاريخه رغم كل محاولات تصغيره بحاضر فشل في أن يكون حاملاً أميناً لهذا التاريخ".

إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص