وضاح اليمن ... يُبعث في تعز
في الوقت الذي هناك رصاصة تمخر بين شغاف هذه المدينة ملتهمة كل شيء في طريق الناي وتنجو هي من الموت بإعجوبة . في الوقت الذي هناك مدية صدئة تشط جسد الضوء وتسلخ منه ليلا أبيضا بلون الجنازة . في الوقت ، كل الوقت ، كان هناك يد أخرى ترتب ما خلطه لغط الليل وذنب الرصاص ، يد تقول للحلم كن أملا ينير الضروري ، كن بحرا يراود عاشقا على فك ضفارة معشوقته، كن بُراقا يحرض خطى المدينة على السير قدما نحو سدرة المشتهى. كل هذه اليد ، يد شعب من الحواس والإيماءات الخجولة والصارمة في آن ، هي يد وضاح اليمن الفتى الشاب الذي مافتئ يردد آيات مولاه البينات " تُنسى كأنك لم تكن كوردة في الليل تُنسى ككنيسة مهجورة تُنسى.....". لم يحدث أن لعن وضاح مثلي هذه المدينة التي نصلي لها ولا تصلِ لنا ، نذكرها دوما فتنسانا أمداً . يفتش بين انقاضها ما يعيد لشهر زاد طعم الحكاية وما يعيد لإذاعتها صوت الحكاية وما يعيد لصحيفة جمهوريتها صدر شهر زاد ، مخطوطة الضوء ولوحه المحفوظ. منذ أكثر من شهر نسير على هدي يده ، قمنا أولا بعمل ورشة تدريبية لكيفية رصد الأضرار وتقييمها كان مدربنا عمار السوائي مدير مؤسسة المورد ما أن تسمعه صوتا لصوت مع وضاح حتى تشعر أن كليهما نبذة مختصرة من كليهما . بعد اتمام الورشة برفقة عشرين متدربا عشرة منهم من طاقم المؤسسات الصحفية الرسمية "الجمهورية ، والإذاعة ، ووكالة سبأ" والبقية راصدين حقوقيين ومصورين . بعدها شرعنا في تطبيق ما تعلمناه بالنزول الميداني وزيارة هذه المؤسسات الإعلامية وكانت البداية من صحيفة الجمهورية . ما أن وضعنا قدما على بابها حتى هوت بنا النظرة الأولى إلى واد سحيق للحسرة . كومة محترقة واحجار يخوطها السواد والشيب ، منظر مرعب لصحيفة كانت غذاء خبري لمدينة ودولة وأشهر مؤسساتها الإعلامية لتصبح بين حقدٍ حوثي وعشيته أطلال منكسة وقتام فاجر. لن نتكلم الكثير فقط سنردد تمتمات وضاح اليمن " ستعود ...ستعود ". وصعودا نحو معراج البنفسج صعدنا قمة جبل العروس أو قل نزلنا من السماء إلى قمته لزيارة هوائيات ارسال الإذاعة هناك ، راعنا ما رأيناه أيضا بقايا أعمدة حديدية طوتها يد الخيبة واعمدة ملوية ومكتوفة الصوت متفرقة هناك وهناك كما لو أنا يد نيزك عبثت بها . بكينا جميعا لصدى ذاك الصوت المبحوح القادم من بعيد على وقع تصفيقات الأمهات برقائق الخبز قبيل الظهيرة وصوت أنيسة محمد سعيد وتمتمنا مرددين ماقاله وضاح : لابد أن تعود . الإذاعة على وشك العودة والصحيفة أيضا على مقربة من مصافحة الحلم . عمل كان بمثابة حلم لكنه ما لبث أن تحقق ويتحقق وسيتحقق وستعود كل مؤسسات تعز كما نشتهي وتشتهي دون توقف وخذلان . سألت وضاح اليمن في غمرة صوت أيوب الشجي ونحن نفض بكارة هواء العروس : لو حدث وانفصلت اليمن شمالا وجنوبا ستكون وضاح الشمال أم الجنوب ؟! أجاب : سأكون وضاح تعز .
إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص