عواطفنا ضحية الجفاف والتصحر
جفاف العواطف أفة ابتليت بها مجتمعاتنا المعاصرة ، ومشكلة معقدة ومركبة نمت وتطورت في أوضاع نفسية واجتماعية وثقافية متداخلة ، وخاصة في مجتمعنا الذي تحضره بقوة الصراعات المسلحة والتي تورث بالتأكيد أزمات اقتصادية وشروخ اجتماعية ونفسية ، وتنعكس كل هذه الأثار على الفرد لتصيبه بالجفاف العاطفي والتصحر الوجداني الذي يترك أثاره المدمرة على الأسرة . وسأركز هنا على الاثار التي يتركها هذا المدمر على الاسرة باعتبارة نواة البناء الاجتماعي وعلى قد الاصلاحين نعثوا عاره نعث وخلوه يعتذر ويقبل بحكم المعتدى عليهم بعد ثلاث ساعات أركانها (الزوج والزوجة والأبناء ) يقوم البناء ، وبهم جميعاً ينجح العبور الأمن إلى سفينة الحياة . الجفاف العاطفي يعني ضمور الحب وغياب الود ونكران الجميل، وتقلص التواصل اللفظي وغير اللفظي بين الأزواج فيما بينهم، وبين الأبناء مع بعضهم البعض، مما يؤدي بالضرورة إلى ظهور عدم الاحترام وتنامي الأنانية وروح اللامبالاة، فيغيب معنى الأبوة والأمومة والبنوة، وتصير روابط الأخوة رثة بالية، قد تتمزق في أي لحظة، وكل هذا مؤذن بخراب الأسرة وضياع الأبناء، والنتيجة الحتمية التي لا مفر منها هي العزلة الأسرية، والفرقة الأخوية ، فالأب والأم والأبناء موجودون في البيت على طاولة واحدة، لكنهم جماعات وأشتات! فرقت شملهم الصراعات، ونخرت عظمهم العداوات . هكذا تنمو هذه الأفة الخطيرة في جسم الفرد والمجتمع، حتى تحيلنا في النهاية على ضريبة باهظة الثمن لا نستطيع تسديدها، ولا التخلص منها، ألا وهي بيوت أيله للسقوط، وأسر متصدعة وشيكة الانهيار!! إن تشخيصنا لمشكلاتنا الأسرية يبين لنا أن علتنا تواصلية علائقية في المرتبة الأولى ، ومن الحكمة أن نفتح أبواب الحوار البناء، لأجل إحداث فهم مشترك بين الأسرة الواحدة بقد الاصلاحين نعثوا عاره نعث وخلوه يعتذر ويقبل بحكم المعتدى عليهم بعد ثلاث ساعات باركانها. لنتجنب الجفاف والتصحر العاطفي هلموا بنا نزرع بذور المحبة والتقدير والتعاون في ربوع بيوتنا التي تكهربت بالحقد والغل، وليكن ديدنا العناية الدائمة والرعاية المستمرة لهذا الغرس الجديد حتى يؤتي أكله بثمار يانعة وقت الحصاد - بإذن الله -. كثيراً ما نتسأل : نحن نشقى لأجل أسرنا فنكسب لقمة العيش، ونجهد أنفسنا في ذلك، ألا يكفي كل هذا؟! هو بالفعل غير كافٍ، وحتى لاتختلط الأمور ينبغي أن نفرق بين الرعاية والتربية، فالأولى تعني الاهتمام بالمأكل والملبس والمشرب والعلاج، والثانية أكبر من ذلك كله، فهي تغرس القيم وتهذب السلوك، وتشبع العاطفة، وتصنع الشخصية. إن الحب لا يفرز إلا حباً، فحينما تتعانق القلوب وتندمج الأرواح يشعر المتحابون بالدفء الذي يوقد جذوة المحبة، فتذهب عن كل حبيب رعشة الوحشة ولوعة الفراق، وتغدو الحياة - وإن عظم الكرب وجل الخطب - أحلى من العسل المصفى، وأبيض من اللبن المنقى. وحتى تكون القلوب عامرة محبة فلابد ان نزرع فيها ما يكفينا من حب الأهل ، فالحب هو العلاج الاسمى لهذه الأفة ، ولنقتنص كل مناسبة لتأكيد وتهذيب هذا الحب ، فينمو ويترعرع منتجاً أسرة مترابطة ، وافراداً فاعلين متزنين وجدانياً ونفسياً ، فيؤسسون أسراً تحمل هذه المزايا ، ويستمر العطاء ، ويصبح المجتمع مترابطاً ، ولعمري لو فعلنا لتجاوزنا الكثير من بلايا العصر .
إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص