التحرير يبدأ من الداخل
2018/07/14 - الساعة 11:15 مساءاً
لقد كان من الواجب قبل الذهاب في معركة تحرير المحافظة أن تعيد السلطة المحلية رسم خطة تتناسب مع الوضع الطارئ الذي تعيشه محافظة تعز في ظل غياب شبه كلي لمؤسسات الدولة وانهيار الأجهزة الأمنية , ومعاناة المواطنين الذين تعرضت ممتلكاتهم للنهب نتيجة غياب الأجهزة الأمنية بعد كل عملية تحرير , ولذلك وضعت خطتها بعناية وكانت الخطة :
أولاً : إعادة تفعيل كافة مؤسسات الدولة في المناطق المحررة , لتقديم خدماتها للمواطنين , وانتظام رواتب الموظفين لتحرير لقمة العيش .
ثانياً : بناء جهاز أمني قوي يتولى مهام ضبط الأمن وحماية ممتلكات الدولة والمواطنين , وتأمين كل المناطق التي سيتم تحريرها , وفرض الأمن وهيبة الدولة فيها , وعدم السماح مطلقاً بتكرار عمليات النهب التي تعرضت لها مؤسسات الدولة وممتلكات المواطنين في المناطق المحررة .
ثالثاً : إعادة هيكلة الجيش على أسس عسكرية مهنية ووطنية وإعادة انتشاره وتوزيعه على الجبهات وخروجه من المدينة .
إذ من غير المعقول أن نرسل شبابنا إلى الجبهات للقتال والمدينة لازالت تعيش حالة من الفوضى والإنفلات الأمني وانعدام كلي للخدمات وعمليات النهب تطال مرافق الدولة ومؤسساتها وممتلكات المواطنين . كما أن بناء نموذج دولة حقيقي في المناطق المحررة وانتظام الرواتب وتوفير الخدمات للمواطن هو الخيار الأمثل لعملية التحرير وعودة الشرعية والإنتقال إلى نظام الدولة الإتحادية , والدافع الأكبر لإلتفاف الناس حول الشرعية ومساندة خطواتها .
إنه لمن الحكمة أن السلطة المحلية بدأت بترتيب أوضاعها الداخلية أولاً , واستفادت من تجارب المحافظات التي سبقتها في التحرير . وهي تمضي الآن في مسار الإصلاحات الداخلية بدءً من مؤسسة الجيش والأمن , صمام أمان حماية الوطن والمواطن , ولابد من تعاون الجميع بحيث يصبح لدينا في تعز مؤسسة عسكرية وطنية , وجيش ينتمي لكل مناطق ومدن اليمن , وأجهزة أمنية تكون نموذجاً للشرطة الإتحادية .
لقد بذلت السلطة المحلية جهوداً كبيرة وبدأت أولى ثمارها بضمان انتظام صرف الرواتب لكل الجهات الحكومية في المحافظة بصورة منتظمة , وهي مهمة حملها محافظ المحافظة منذ لحظة أدائه القسم الدستوري أمام فخامة الأخ رئيس الجمهورية , وبعدها متابعة مستمرة لدى دولة الأخ رئيس الوزراء ومعالي وزير المالية ونائب الوزير , وخلفهم محافظ البنك المركزي ونائب المحافظ , وكانت عملية منتظمة أوحت للمسئولين بأنهم يتعاملون مع رجل دولة يعمل بشكل منظم .
اليوم وبعد 6 أشهر يمكن ملاحظة الفارق داخل تعز , فمؤسسات الدولة استعادت نشاطها , والمؤسسة الأمنية بدأت عملية انتشارها داخل كل مربعات وأحياء المدينة بما فيها تلك المربعات التي كان مجرد التفكير بالدخول إليها يعني مغامرة تعرض صاحبها لخطورة قد تفقده حياته , والمقرات الحكومية على وشك استكمال ترميمها وعودة المؤسسات إليها ( الشرطة العسكرية – قيادة المحور – إدارة الأمن – مكتب البريد – مكتب المالية – مكتب الضرائب ) كما عاودت النيابات ممارسة مهامها . وتمضي عملية الترميم للسجن المركزي , وترميم مدارس المدينة التي تعرضت للدمار بشكل حثيث , وهناك عمل متواصل لتجهيز دراسات للإحتياجات الطارئة للمحافظة سيتم الإنتهاء منها قريباً ومن ضمنها ترميم كافة مؤسسات الدولة وبناء مؤسسات جديدة بمواصفات حديثة سيتم تمويلها عن طريق الحكومة والداعمين من الأشقاء في التحالف العربي والمنظمات الدولية , كما يعمل الآن فريق مهني لاستقطاب المنظمات الدولية وعودة نشاطها ومشاريعها من داخل المدينة وهو انجاز يعني توفير فرص عمل لألاف الشباب في المشاريع التي تتبناها المنظمات الدولية في مختلف المجالات .
وبعد هذا كله لازال هناك صوت صاخب يظهر في كل خطوة تتقدم فيها محافظة تعز في طريقها للتعافي , صوت لا يهتم كثيراً لمصالح تعز وناسها وأهلها , ولا لمعاناة من فقدوا ابنائهم وأبائهم وأهلهم في هذه الحرب , وهو بذلك لا يريد لهذه الحرب أن تتوقف ويندفع بشكل إما عاطفي أو غير مسئول للتحريض ضد عملية الإصلاحات التي تحتاجها تعز لتأسيس نموذج الدولة .
إن مرحلة التعافي من أثار الحرب تحتاج وقتاً طويلاً , لكن بتكاتفنا جميعاً ومساندة عمليات الإصلاحات يمكننا أن نختصر الوقت كثيراً , ونعمل بمثابرة واخلاص لبناء مستقبل سنعيش فيه نحن وأبنائنا من بعدنا , ومن جرب مرارة الغربة يدرك جيداً ماذا يعني الوطن .
أخيراً , إن قناعتنا بأن نربح جميعاً هي الأجدى حتى لا نؤسس لمظلوميات جديدة , وبإمكاننا جميعاً تقرير ذلك , فقط علينا أن نعيد قراءة خارطة مصالحنا في تعز , لنتأكد أن ظهورنا بشكل موحد يمنحنا القوة في تحديد موقعنا الطبيعي والذي يليق بمحافظة تعز في خارطة الدولة الإتحادية .
هشام السامعي
السكرتير الخاص لمحافظ تعز .
إضافة تعليق