أولا بالنظر إلى العنوان الخارجي لغلاف التقرير والذي جاء تحت عنوان " حالة حقوق الإنسان في اليمن بما في ذلك الانتهاكات والاساءات منذ أيلول /سبتمبر 2014" كعنوان استهلالي ومن ثم عنوان رئيس " تقرير مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الانسان وفيه المخرجات التي توصل إليها فريق الخبراء الدوليين والإقليمين البارزين المستقلين وملخص التعاون التقني المقدم من مفوضية الأمم المتحدة لحقوق الإنسان إلى اللجنة الوطنية للتحقيق في ادعاءات انتهاكات حقوق الإنسان " وبالنظر إلى العنوان الكبير والرئيس يجعلنا نشعر أننا فعلا سنكون أمام تقرير حيادي كونه أورد مسمى الخبراء الدوليين والاقليميين البارزين والمستقلين وهو ما سيمثل صدمة للقارئ بعد الدخول والغوص في تفاصيل التقرير بشكل متأني بدء من تضارب المعلومات وتناقضها وصولا إلى مسميات ومصطلحات واردة في التقرير لا تمت للحيادية والعمل الحقوقي المحايد بصلة سنوردها لاحقا .
ورد في منهجية التقرير المادة رقم" 7 " الزيارات التي قام بها فريق الخبراء وهي مناطق عدن وصنعاء وصعدة والحديدة موضحا إلى عدم تمكنهم من زيارة أهم المناطق وأكثرها تضررا وهو اعتراف واضح وصريح بنقص التقرير كون تعز هي أكثر المناطق التي تعرضت إلى القتل والتدمير والحصار منذ ما يقارب الأربع سنوات وما زات تخضع للحصار الجزئي إن لم يكن الشامل .
في المادة رقم "10 " من التقرير ذكر فيها مصطلح" الممارسة المرعية " ويقصد بها جلسات الاستماع ومعيار الاثبات " توفر أسباب وجيهة للتصديق " وهذا معيار أقل موثوقية من وجود دلائل مادية واضحة ويعتمد على قرائن واستنتاجات وهو ما يحتاج مزيد من التوثق والتحقيق .
في المادة رقم "15" ضمن الاطار القانوني للتقرير وفي السطر الأول من المادة " اليمن في حالة نزاع مسلح غير دولي " ليتطرق إلى دول التحالف العربي كطرف رسمي مشارك في النزاع وهو ما يعد تناقض للتقرير في توصيف النزاع القائم في اليمن .
في المادة "17 " ضمن فصل السياق في التقرير تطرقت المادة إلى ثورة الحادي عشر من فبراير ضد نظام صالح وانتقال السلطة إلى نائبه هادي وفقا للمبادرة الخليجية وصولا إلى مؤتمر الحوار الوطني وعملية صياغة الدستور ومن ثم ذكر "تصاعد الصراع " بين القوات الحكومية بقيادة هادي والحوثيين وما اسماهم بالجماعات المسلحة دون تحديده بالاسم وهو ما يغفل حقيقة المخرجات الحقيقية للحوار الوطني التي أعلنت في الجلسة الختامية لمؤتمر الحوار الوطني باتفاق كل القوى السياسية المشاركة فيه وما حدث بعدها من دخول الحوثيين صنعاء بمساعدة قوات الرئيس السابق صالح والذي شكل انقلابا على الشرعية التوافقية للرئيس هادي وما كان سيعقب الانتهاء من مرحلة الحوار الوطني من تهيئة لانتقال جديد للسلطة والتهيئة لتلك المرحلة الجديدة بدء من انتخابات نيابية وصولا لانتخابات رئاسية واستفتاء على مسودة الدستور الجديد للدولة الاتحادية وهو ما أغفله تقرير الخبراء ليبقي على مسمى أطراف الصراع بدلا من إعطاء التوصيف الحقيقي لكل طرف من أطرافه .
في المادة " 18 " وأيضا ضمن فصل السياق في التقرير جاء فيه ذكر للدول التي شكلت التحالف العربي وضمت دولا لم تكن لها أي مشاركة فعلية أو علنية في التحالف وعملياته في اليمن مثل السنغال وهو ما يمثل ادعاءات اعلام الحوثي حول وجود مرتزقة سنغال وجنود من بلاك ووتر حسب توصيف اعلامهم يقاتلون في صفوف الشرعية والتحالف العربي وأسقط دولا كانت تمثل جزء مهم في التحالف منها قطر وهو ما يضع تساؤلات عدة حول عدم ذكر اسم قطر وهي الدولة التي أعلنت انسحابها لاحقا بعد مرور أكثر من عام من عمليات التحالف العربي في اليمن وإن كان قد أشير لها في الهامش كإشارة فقط وكأنه يقصد بهذا الأمر منع أي مسائلات أو عقوبات ضد قطر قد تخضع لها دول التحالف العربي من قبل المجتمع الدولي لاحقا إذا ما كسب الانقلابيون جبهة الصراع الحقوقي في المنظمات الدولية والأممية في ظل استمرار المعركة بين الشرعية والتحالف العربي من جهة والانقلابيين الحوثيين وحلفائهم القدماء كإيران والجدد كقطر من جهة أخرى ، كما حملت المادة "18 " مجمل الخسائر في صفوف المدنيين إلى عمليات التحالف العربي والغارات الجوية التي شنتها على مواقع الانقلابيين دون أن تتطرق إلى بدء العمليات العسكرية على المدنيين والمحافظات اليمنية من قبل الانقلابيين الحوثيين وحليفهم صالح حينها بدء من اجتياح البيضاء وصولا إلى الجنوب والعاصمة المؤقتة عدن وسقوط عدد كبير من الضحايا المدنيين هناك ومن ثم اجتياح تعز والقصف الذي تعرضت له بمختلف الاسلحة الثقيلة وعمليات القنص للمدنيين المسالمين ، كما حملت المادة نفسها التحالف العربي فرض الحصار على الموانئ والمطارات دون أن تتطرق لعمليات التهريب المثبتة للأسلحة للإنقلابيين الحوثيين وأيضا الاجراءات التنظيمية التي قام بها التحالف العربي والحكومة الشرعية للسماح بوصول الإغاثة إلى الموانئ والمطارات التي تقع تحت سيطرة الانقلابيين بعد القيام بإجراءات احترازية تحد من وصول السلاح لتلك الجماعات الانقلابية .