قراءة في التقرير السنوي للمفوض السامي لحقوق الانسان (2)

ما يزال هناك متسعا  للحديث والملاحظات  عن التقرير الأخير للمفوضية السلمية لحقوق الانسان الأخير والمقدم لجلسة مجلس حقوق الانسان التابع للأمم المتحدة حيث كنت قد تطرقت في الحلقة الأولى من المقال لعدد منها لأواصل هنا ما تبقى ،

حيث كرس  التقرير  بشكل ممنهج وواضح على اتهام الحكومة الشرعية والتحالف العربي دون أدلة واثباتات ومحاولة اللعب بالألفاظ والتمييع بإخفاء الارقام والمعلومات الخاصة بالانتهاكات التي اقدمت عليها مليشيات الحوثي الانقلابية منها  المادة رقم "19" والمدعمة بالمادة رقم "51" والتي تطرقت إلى  معاناة  المدنيين في عدم  قدرتهم في الحصول على الغذاء او شراء السلع الغذائية او الوقود بسبب وقف رواتب موظفي القطاع العام نتيجة نقل الحكومة للبنك المركزي من صنعاء إلى عدن محددة ذلك بتاريخ مغلوط وهو أغسطس 2016، ولم يكلف فريق الخبراء نفسه بمراجعة قرار رئيس الحكومة الذي نص على نقل البنك المركزي بتاريخ 18 سبتمبر 2016 كنتيجة حتمية لسيطرة المليشيات الانقلابية على الموارد العامة للدولة واستخدمتها في تدعيم حربها على اليمنيين من خلال شراء صفقات الأسلحة أو تمويل الجبهات التابعة لها في مختلف المحافظات أو من خلال التلاعب بالعملة وتحويل البلاد إلى سوق سوداء تتحكم فيها مافيا تشكلت من قياداتهم المختلفة في مختلف المحافظات ؛ حيث بلغ مقدار النهب - والموثق بدقة - لجميع اموال البنك المركزي بينها الاحتياطي النقدي والبالغ 4,2 مليار دولار مما ادى الى انهيار سعر صرف الريال اليمني  مقابل الدولار حينها بشكل ملحوظ من 215 الى 315, كما قامت  ايضا المليشيات ببيع اذون خزانة البنك المركزي بنسب تصل 16%  والسيطرة على اموال المستثمرين.

أما الحديث عن نقل البنك الى عدن فارغا حتى من الاوراق والوثائق الرسمية وقامت الحكومة بطبع اكثر من 400 مليار ريال يمني لتغطية دفع رواتب موظفي القطاع العام والذي يكلف اكثر من 80 مليار ريال شهريا. وخضعت الحكومة الشرعية لابتزاز من مليشيات الانقلاب لتسليمهم كشوفات الموظفين للقيام بتسليم رواتبهم ، كما دفعت المليشيات بعشرات الالاف من عناصرها في الوظيفة العامة ومختلف مؤسسات الدولة المجنية والعسكرية والأمنية  .

 

حاول التقرير - على حد وصفه - الالتزام بالحيادية لكنه في المادة "25" تطرق الى وصف معركة تحرير الحديدة من قبل افراد الجيش الوطني ضد المليشيات المسيطرة على المدينة، بوصفها "عدوانا" حيث وان هذه الكلمة لا يجب ان تستخدم من قبل لجنة خبراء تتصف بالحيادية.

 

وبالانتقال الى المادة "40" قال فريق الخبراء أنه لم يتمكن من الوصول إلى تعز لأسباب أمنية لكنه حصل على المعلومات من مصادر موثقة وفي المادة "30" قال على حسب "افادات"،  للحديث عن تفاصيل دقيقة لغارات التحالف لكنه لم يضطر الى اخذ افادات تدين جرائم المليشيات سواء بتعز او غيرها من المدن رغم توثيقها بالصور والفيديوهات وشهود العيان والمنتهكين انفسهم مدعيا عدم قدرة فريقها للوصول إلى تعز لأسباب أمنية كان جدير به أن يوضحها وهو ما يجعل مبرراتهم واهية خصوصا في طل تعاون السلطة المحلية بتعز وتسهيلها لإجراءات الدخول لكل من يريد زيارتها ودعوتها لأكثر من مرة عبر وسائل الاعلام لكل المنظمات الدولية والأممية لزيارة تعز والاطلاع على الحصار الذي تعانيه بالإضافة إلى القصف اليومي من قبل المليشيات الحوثية بمختلف أنواع الأسلحة .

وقد تكفل محافظ محافظة تعز بحماية لجنة الخبراء بشكل شخصي في وقت سابق  من لقائهم بالعاصمة عدن  واكدوا استعدادهم ،  ليغيروا رأيهم قبيل السفر بلحظات دون الإفصاح عن الاسباب.

لكن التقرير يؤكد ان فريق الخبراء في المادة رقم "31" انه حقق حول الغارة الجوية التي استهدفت سوق المحاصيص في تعز ؛ وهو ما  يلزم في التحقيق تواجد فريق الخبراء في مكان وقوع الحادثة بالإضافة إلى غرابة الاسم

 

وصف التقرير ايضا الاوضاع في تعز بالمعقدة لكثرة الجماعات المسلحة والنشطة بها  في المادة "41" متخفيا بهذه العبارة عن تحديد عدد الضحايا المدنيين الذين سقطوا بين قتلى وجرحى، ليتخفى بعبارتين أهم من ذلك في المادة "45" في لفظة  إزاء ما زعم حول استخدام قوات الحوثيين وصالح  ذات تأثير واسع النطاق في بيئة مدنية مختتما المادة بلفظ "من الممكن" أن تشكل هكذا افعال انتهاكات للقانون الدولي الإنساني ،  مع انه ذكر بالمادة "62" ان المليشيات عززت منذ اغسطس 2015 قيودها على تعز باستخدام قناصين وهذه بحد ذاتها جريمة بحق المدنيين امام القانون الدولي لكنه حاول ان يصيغ العبارة مستخدما عبارة "منذ تقدم القوات الموالية للحكومة شمالا بعد استعادة عدن" وكأنه يبرر استخدامهم للقناصة، لكن كلمة "استعادة" تثبت ان الحوثيين ما هم الا قوات انقلبت على الحكومة الشرعية والتي تحاول استعادة مدنها اليمنية منهم.

 

وللعودة للنقطة "41" التي نسفت حيادية هذا التقرير، تصنيف الجيش الوطني الموجود داخل تعز بالمليشيات بينما حافظ طوال تقريره بوصف الحوثيين بالقوات.

تستخدم لفظة "مليشيا" للأشخاص الذين يحملون السلاح بمختلف أنواعه بدون أرقام عسكرية، وهذا ما علله بذكر اسماء اشخاص تابعين للجيش الوطني ويحملون ارقام من تعز وغيرها بالجداول المرفقة في التقرير واصفا اياهم بين قوسين (بدون رتبة عسكرية) ولم يستخدم هذه الصفة مطلقا لجماعات الحوثي وصالح.

 يتبقى لنا ان نسأل بصريح العبارة عن نوع الدقة في استقاء المعلومات العسكرية وغيرها من مختلف الأطراف؟

ولحصار مدينة تعز وفرض القيود عليها نصيبا من تقرير لجنة الخبراء، حيث أفادت المادة رقم "61" حصار الحوثين وقوات صالح على اهم طريقين في تعز وفرض حصار عليها منذ مارس/2015 حتى مارس/2016، لم يشر التقرير الى المعاملة اللاإنسانية التي تعرض لها ابناء هذه المدينة من قطع الاوكسجين  ومنه وصول المواد الاغاثية والادوية والغاز المنزلي ومياه الشرب و المساعدات الانسانية واعتقال الكثير من المواطنين خلال سيطرتهم على هذه الطريقين حيث تحررت أحد الطرق بالمنطقة الغربية بينما بقت الطريق الثانية والرابطة لتعز مع مدينة اب وعدن مقطوعة من قبل المليشيات الحوثية رغم الوساطات التي بذلتها المنظمة العالمية "الأوتشا" وتوقيع السلطة المحلية في تعز لفتح هذا الطريق كمنفذ انساني بينما امتنعت مليشيات الحوثي عن ذلك، وها هي لجنة الوساطة الأخرى تبذل جهدا لكن طرف المليشيات لم يوافق بعد.

وأكد التقرير هذا الحصار الخانق في المادة رقم "63" ان منسق الأمم المتحدة في حين زيارته لتعز في يناير 2016 قال ان هنالك تحديات لوصول المساعدات الإنسانية إلى 3 مديريات داخل المدينة والتي تستغرق 3 أشهر.

إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص