لا .... لدولة مقلب القمامة العالمية..!

بات واضحا وجليا أن اليمن كدولة لا تعتبر دولة فاشلة فحسب بل دولة تحت الفاشلة. لا يوجد حل للفشل الكبير الذي تعيشه اليمن. لأن الجميع لايزال ينهش جسد هذه الدولة.

ربما كان في مقدور اليمن أن تنجو من حالات الفشل الذريع الذي غرقت داخله حال اعتمدت سباحين سياسيين ماهرين في ممارسة العمل السياسى وفي إدارة ما تبقى من مقومات الدولة غير أنها اعتمدت سياسيين لا يعرفون ولا يجيدون مهارة السباحة السياسية والإدارية بقدر مهاراتهم في إتقان فنون الفساد وممارسة الانتهازية و إجادة الإلغاء للوطني الأخر الشريك في الوطن.

لهذا اقول بكل بساطة أن الخطأ الأكبر الذى وقع فيه الرئيس هادي أو دُفع لأن يواصل استمرار اقتراف الأخطاء التي أوصلت البلاد والعباد إلى أن تشهد هذه الكارثة المعيشية اليوم هو إعتماده على إعادة تدوير المخلفات الفاسدة في إدارة الدولة. حكومة فاسدة ... تعيينات كلها غير معيارية للكفاءات سواء داخل مفاصل الجهاز الإداري للحكومة أو في السفارات اليمنية بالخارج. من يدير البلاد اليوم هم النفايات التي كانت مع نظام صالح، ومن حزب الإصلاح ، ومن الجنوبيين الانتهازيين، وقليل من الناصريين، وأقل منهم اشتراكيين ومستقلين. كل الذين يديرون الدولة هم مخلفات النظام السابق والطامحين لوراثة النظام السابق والانتهازين والطامعين... وجميعهم لا يمتلك رؤية لوزارته ولا إدارته ولا قادرا على إنتاج واقع جديد يقوم على قدرته في إنتاج حلول عملية للمشاكل التي تفرضها طبيعة المرحلة التي تمر بها الدولة وهي مرحلة الحرب.

 ما كان أحوج رئيس الجمهورية إلى ذكاء حاد يمكنه من انتقاء كفاءات وطنية مخلصة منكرة لذاتها ، كفاءات قادرة على إنتاج الحلول لمشاكل وزاراتها وإدارتها أولاً وتاليا تعمل على الحد من زيادة تفاقم اية مشاكل جديدة ، وهو مالم يفطن له هادي. اعتمد الرجل على من أشرت إليهم أعلاه... وهؤلاء جاؤوا عبر بوابة هي نفسها بوابة القوى التقليدية التي جاءت بصالح ونظامه السابق، وهي نفسها القوى التي استحوذت على ثورة 11 فبراير، والي جانبها وان على نحو أقل ايضا نفسها الأدوات التي كانت ولاتزال تمثل الجذور الرئيسة لكل مشاكل الجنوب والتي عادت اليوم بلبوس مختلفة كالحراك وغيره.

لكن اللاعب الأخطر في الكارثة الاقتصادية التي تعيشها البلاد اليوم يضل في اعتماد هادي على تلك القوى السياسية التقليدية... تلك القوى التي بات واضحاً اليوم أكثر من أي وقت مضى انها هي التي كانت وراء دفع الرئيس الأسبق صالح إلى ممارسات مجمل السياسات الفاسدة من الجرع التي عرفناها من منتصف التسعينيات حتى قيام ثورة 11 فبراير. تلك القوى عادت اليوم عبر هادي بل وتمارس علاوة على فسادها القديم الجديد مهمة تجارة الحرب التي لا تود لها أن تنتهي.

لننظر اليوم أمام إرتفاع سعر الدولار إلى عدد من وسائل الإعلام وكافة وسائط التواصل الاجتماعي المختلفة لنرى كيف ينظر لهذه الكارثة. لا نجدها تبحث عن الحلول.... وتحدد الأسباب المنتجة لها وتنتقدها. إنما على العكس نراها تتجه إلى تحميل الرئيس هادي المسؤولية مباشرة وتحدد أن الأسباب هي دول التحالف العربي وتتهمها بنهب ثروات البلاد. هذه الطروحات لا تعكس الأسباب الرئيسية للكارثة وإنما تحاول حجبها بمنخل واهٍ جدا من أجل زيادة التمويه في إبعاد الناس عن إدراك الأسباب الحقيقية للكارثة الإقتصادية وانهيار سعر الريال اليمني أمام العملات الأجنبية.

ان السبب الرئيس هو في أن الاقتصاد بات مشلولا في اليمن. انتاجنا من النفط لم يكن يسد احتياجات الخزينة العامة للدولة من قبل عشر سنوات وتحديدا من عام 2004 بسبب الفساد غيره.... فكيف والإنتاج هذا نقص اليوم بسبب الحرب. اليمن منذ عقد ونصف وهو يعيش على منح ومساعدات وقروض دولية وخليجية ... مقابل تطوير بيئة التنمية في اليمن، وعوضا عن استمرار مشاريع الإصلاح الاقتصادي والاجتماعي والتنموي في البلاد وفق ماكان مخططا له دخلنا في بيئات الحرب والدمار وموت كل مشاريع التنمية.

السنوات الثلاث السابقة للحرب كانت دول التحالف العربي وفي مقدمتها السعودية تغذي من وقت لأخر الخزينة العامة ولكن سرعان ما تبتلع تلك التغذية المالية. عندما يكون معك عمال بمحل يتقاضون مرتبات دونما ينتجوا شيئا ... من أين ستواصل إعطاءهم رواتب شهرية بعد نفاذ رأس المال ونفاذ الاحتياط وإصابة المحل بالخراب...؟ هذا هو الواقع.... خاصة وأن المسؤلين عن المحل كلهم فاسدين ولا تصلي على احد منهم أبدا أو ترجو منه خيراً.

ان مجمل الأحداث التي ألت إليها التطورات للأسف الشديد توحي أنها منتجة بدقة وخبث بالغين. وما تقرير المفوضية السامية لحقوق الإنسان الأخير الا صورة من صوره. اقتتال فصيلين يتبعان الشرعية في تعز مظهرا من مظاهر ذلك الواقع الذي يدفع بالحرب في اليمن إلى أن تصله.

نحن أمام معضلة تاريخية تتحكم بقواعد لعبتها أقذر الأدوات السياسية البشعة دولياً. كل يوم يمر دون تحقيق أي تقدم في مسارات الحرب التي يجب أن تفضي إلى دحر المليشيات المسلحة الانقلابية وتحرير بقية مناطق البلاد وخاصة تحرير تعز وهزيمة تلك المليشيات وتجريدها من السلاح والقوة والعتاد الذي بيدها واستعادة الدولة ... نعم ... كل وقت سيمر دون ذلك لا يعني إلا أن اليمن سيذهب لدولة المستقبل وإنما إلى دولة ستكون أقذر دولة في تاريخ البشرية. دولة النفايات الدينية والمذاهبية والسياسية العربية. دولة هي مقلب للقمامة العالمية أن جاز التعبير... العمال الذين يديرون تلك القمامة هم كل السياسيين والمسؤولين وتجار الحرب الذين يديرون هذه المرحلة من تاريخ اليمن.

إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص