قراءة في التقرير السنوي للمفوض السامي لحقوق الإنسان (3)
بدء من  الهجمات ومنع وصول المساعدات إلى الاعتقالات والاخفاء القسري وانتهاك حرية التعبير، افرد التقرير كعادته عدد من المواد والكثير من التفاصيل بالاعتقالات والانتهاكات القائمة في صفوف التحالف والحكومة الشرعية بينما يصم أذنيه ويحيد بقلمه عند الحديث عن الانتهاكات القائمة من قبل مليشيات الحوثي وصالح ويصفها بالمبهمة وعدم القدرة على تحديدها.
 
وبالنظر الى تلك الارقام والتفاصيل تجعلنا نتعاطى ايجابيا  ازاء ما قدمته الحكومة الشرعية من تسهيل الاجراءات لفريق الخبراء للرصد الشفاف في ما يحدث في المناطق الواقعة تحت سيطرتها، ليخرجوا بأرقام وتوصيفات دقيقة على عكس ما حدث في المناطق الخاضعة لسيطرة المليشيات كما في المادة "74" والتي أشارت إلى عدم قدرة فريق الخبراء، أو بالأصح عدم السماح لهم، لزيارة جهازي الأمن القومي والسياسي والاكتفاء بزيارة السجن المركزي في صنعاء والذي يحتوي عادة على مسجونين  متورطين في قضايا جنائية وليست سياسية. 
 
وهذا ليس بالجديد على مليشيات الحوثي وصالح التي لا تتصف بالشفافية ولطالما ضيقت الحصار على حرية التعبير مما أدى إلى حدوث كثير من قضايا الانتهاكات التي طالت صفوف المدنيين والحقوقيين وكثيرا من الناشطين والاعلاميين، فمنهم من تعرض للاعتقالات والاخفاء القسري ولم يعلم مصيرهم حتى هذه اللحظة.
 كما اغفل التقرير  استخدام الحوثيين للمعتقلين لديها كدروع بشرية والموثقة من قبل الرابطة الدولية للسلام، والبالغ عددهم 1202 شخص  بينهم اطفال في 12 محافظة مختلفة وهو ما يعد انتهاكا انسانيا خطيرا ، وها نحن نتساءل كيف يؤخد بتقرير ناقص المعلومات بطريقة مجحفة من جهة تدعي انها حيادية ويجدر بها ان تكون كذلك.
وبالعودة إلى محتوى التقرير  لم يشر بمواده إلى الاختطافات والتعذيب النفسي والجسدي والاعتداءات الجنسية والتحرشات التي طالت المعتقلين في معتقلات مليشيات الحوثي وصالح، رغم أن  ادلة الانتهاك مثبتة سواء  من قبل المنتهكين  او اصدقائهم الذين أفرج عنهم بمقابل مادي أو بصفقة تبادل الأسرى.
كما اغفل التقرير  انتهاك حرية التعبير والقمع الذي   طال المظاهرات الواقعة في المدن التي تسيطر عليها مليشيا الانقلاب  مثل صنعاء، و التي كانت احد اسباب خروجهت المطالبة بدفع الرواتب والتنديد بعمليات النهب التي طالت البنك المركزي والمؤسسات العامة والخاصة ، او تلك  المظاهرات المنددة بمقتل الرئيس السابق علي صالح، حيث طالت تلك المظاهرات اعتداءات  واعتقالات في صفوف المتظاهرات بالاضافة إلى انتهاكات جنسية وجسدية في المعتقلات .
 
وكل  ماذكر سابقا من الانتهاكات التي لم يتطرق لها التقرير والتي مارستها  مليشيات الحوثي وصالح لم يكن سقوطها سهوا، وهذا ما يؤكده ايضا  تحاشي التقرير عن ذكر استخدام الألغام المضادة للأفراد والتي زرعت بمختلف أنحاء الجمهورية حيث كان لمدينة تعز النصيب الأكبر، وبينما زرعت هذه الالغام بدون خرائط على أيادي أطفال جندتهم مليشيات الحوثي لهذا الغرض منهكة طفولتهم ولغرض زرع الأجهزة المتفجرة كما أشير في التقرير بالمادة رقم "79"،حيث لم تصادق الولايات المتحدة على معاهدة "أوتاوا" التي تحظر استخدام الألغام الفردية أو الزامهم بتدميرها، كون الولايات أحد الدول المصنعة للألغام كسلاح عسكري تستفيد اقتصاديا من بيعه وهو ما يجعل الولايات المتحدة احد الداعمين للمليشيا بالالغام وهو ما جعل المفوض يتحاشى ذكر تلك الجريمة في تقريره الاممي  كأحد جرائم الحرب هروبا من ادانة بلده .
 
وكمخالفة للقوانين الملتزمة بها المنظمات والمفوضيات الدولية .. طعن التقرير، في المادتين "103" و "104" في تقارير اللجنة الوطنية للتحقيق في ادعاءات انتهاكات حقوق الإنسان رغم حيادية تقاريرها التي اظهرت الانتهاكات المحققة بها والموثقة من قبل جميع الأطراف، مستندا بذلك أن اللجنة الوطنية هيئة غير مستقلة كونها لم تستطع التواصل مع سلطة الأمر الواقع؛ بالإشارة الى مليشيات الحوثي وصالح  وهذا من جهة أخرى يطعن بالمفوضية السامية نفسها كون التقرير أشار من المادة "128" الى  المادة "131" الى الاشراف المباشر للمفوضية السامية من خلال  اقامة ورش عمل و عدد من الدورات التدريبية لمفوظي وموظفي اللجنة الوطنية للتحقيق في ادعاءات انتهاكات حقوق الانسان والاستماع لشهاداتهم وتقاريرهم.
 
وعلى الرغم من الطعن في شهادة اللجنة الوطنية وعملها القائم على الأرض للاسباب التي ذكرها فريق الخبراء  نجد اشارة الخبراء  إلى عدم قدرتهم على الوصول والاستماع والتحقيق لكثير من القضايا والانتهاكات في مختلف المدن اليمنية وهو ما يعد طعنهم في عمل اللجنة الوطنية غير منطقي ، ومع كل القصور في التقرير  طالب مجلس حقوق الانسان في المادة "126" ضمان ابقاء مسألة حقوق الإنسان في اليمن على جدول أعمال المجلس من خلال تجديد ولاية فريق الخبراء. وهذا ما يرفضه جميع المتضررين من الحرب الدائرة في اليمن كون فريق الخبراء لم يتصف بالمهنية والحيادية والاستقلالية المطلوبة لكتابة تقرير منصف يشرح  ويجسد حقيقة الانتهاكات  في اليمن من قبل جميع الاطراف او بالأصح من طرف مليشيات الحوثي من خلال قراءة التقرير المقدم من قبل المفوضية  السامية لحقوق الإنسان لإجتماع مجلس حقوق الإنسان القادم .
 
* مديرة تحرير موقع المستقبل اونلاين
إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص