يصادف يوم غد” الثاني من نوفمبر الذكرى 14 لرحيل الشيخ زايد بن سلطان ال نهيان رئيس دولة الامارات العربية المتحدة . في الثاني من نوفمبر 2004م عم الحزن في الشارع العربي بعد سماعه خبر وفاة الشيخ زايد بن سلطان ال نهيان رئيس دولة الامارات العربية المتحدة ، وبرحيله خسرت الامة العربية واحدا” من فرسانها القلائل ، ورجالها الافاضل . قبل 14 عاما” وبالتحديد في الثالث من نوفمبر اليوم التالي لوفاة الشيخ زايد خرجت الامارات بقضها وقضيضها لتوعد قائدها وربان سفينتها ، وبانيها وموحدها ورائد نهظتها الى مثواه الاخير بعد حياة زاخرة بالماثر وحافلة بالعطاء ومرصعة بالمكاسب والانجازات .
توافد العديد من ملوك ورؤساء الدولة العربية والاسلامية للمشاركة في تشيع الراحل عن هذه الدنيا جسدا” الحاضر نبلا” وسلوكا” وقيما” ،ولانه كذلك فها نحن نتذكر كقائدا” حكيما” بناء وطنه واخلص لشعبه . رحل الشيخ زايد مخلفا” موروثا” خالدا” في كافة المجالات ومسجلا” مواقفا” قومية واسلامية مميزة كان حاضرا” في النهظة والبناء والتقدم والنماء على المستوى الوطني وحاضرا” في المحبة والاخاء عربيا” واسلاميا” . لقد استطاع الشيخ زايد ان يجمع بين الاصالة والمعاصرة مثلما جمع بين راجحة العقل وميزان العدل ، لقد كان اصيلا” في كرمه وشيمه ، اصيلا” في كرامته وقيمه ،اصيلا” في مواقفه ، ومعاصرا” بحلمه وتطلعه ، اصيلا” في مخوته ومعاصرا” في صداقته ، اصيلا” في سجاياه وخصائله ، ومعاصرا” في تعامله وانفتاحه ، اصيلا” في تسامحه ومعاصرا” في تصالحه ومنسوب انسانيته ، اصيلا” في قيادته ومعاصرا” في ادارته . الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان (رحمه الله عليه) ، كان واحدا من أبرز قادة القرن العشرين . بما له من علاقاته متسقة ومستمرة والدؤوبة للمبادرات القادرة على إقامة دولة اتحادية تضم سبع إمارات ، بما في ذلك جزء كبير من الجنوب الشرقي لشبه الجزيرة العربية ، حيث ارتفع بعلم الاتحاد ، والأمن والنظام والانضباط والعدالة . وقد اهتم الشيخ زايد في الرؤية الحكيمة في كثير من إنجازاته المتعددة الموحدة في منطقة الخليج العربي ، ولا سيما في سياق المساهمة في إنشاء مجلس التعاون الخليجي ، وكذلك في سياق قضايا الكيانات الاقتصادية والإنسانية و المنظمات الاجتماعية والعربية والإسلامية . على المستوى الدولي ، اكتسبت زايد الاحترام والإعجاب من قادة العالم ، لأنه لم يكف عن الدعوة إلى السلام والعدل داخل العالم . كان اعتقاد الشيخ زايد أن مصادر الطاقة الوجدانية والأخلاقية والروحية هي جزء لا يتجزأ في سياق الوعي الوطني والثقافة والبناءة والإنسانية والتربية المدنية ، وكذلك في مجال المنهج الإسلامي ، حيث فضائل الكرامة الإنسانية ، والتي وترد على التعاون والوحدة والتضامن والرحمة والأخوة والتضحية . وتتمثل مصادر القوة في العمل ، الأمر الذي يؤدي بالتالي إلى الازدهار والرخاء .
استطاع في عهده خلق ولاء للكيان الاتحادي عوضاً عن الولاء للقبيلة أو الإمارة ، أنفق الشيخ زايد مليارات الدولارات في مساعدة ما لا يقل عن 40 دولة فقيرة ، كما كان له دور كبير في حل المشاكل العربية، ساعد أيضاً كوسيط سلام بين سلطنة عمان وجمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية أثناء النزاعات الحدودية في عام1980م ، وأيضاً نجحت وساطته في التوصل إلى حل لخلاف بين مصر وليبيا عمت شواهد عطاء المغفور له بإذن الله الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، مختلف دول العالم فلا تكاد تخلو بقعة من بقاع الدنيا إلا وتحمل أثرا كريما يمجد ذكرى مؤسس دولة الإمارات، ويقف شاهداً على عظمة العطاء الإنساني على مر السنين، فقد صوب الشيخ زايد نظره الثاقب وخيره العميم إلى المكروبين والمحرومين في شتى بقاع الأرض أيا كان لونهم أو جنسهم أو معتقدهم يبني المدارس والمساجد والمستشفيات والمدن السكنية والمراكز الثقافية وحفر آبار المياه في دول العالم المختلفة وفي قاراته الست. وإذا ذهبت إلى الصين ستجد مركز الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان لدراسة اللغة العربية والدراسات الإسلامية في جامعة الدراسات الأجنبية في بكين، وإذا وصلت إلى أميركا ستجد معهد الشيخ زايد لتطوير جراحة الأطفال في واشنطن والذي يعد نموذجا عالميا للابتكار في مجال الرعاية الصحية للأطفال يجمع بين الرعاية الصحية والتعليم والبحث في آن واحد، وستجد «مستشفى الشيخ زايد» ومسجد «الشيخ زايد» في مصر والمغرب ولبنان وفلسطين وأوروبا وجزر القمر وباكستان واليمن والجمهوريات الروسية ودول أفريقيا وآسيا وغيرها.
فقد استحوذت القضايا الإنسانية والخيرية على مكانة متقدمة في فكر واهتمام الشيخ زايد سواء كان داخل البلاد، أم خارجها فمثل هذه التوجهات الإنسانية والخيرية كانت من الثوابت التي تشكل مبادئ القائد، وهي ترتكز على إيمان صادق ونبيل لقيم الخير والعطاء وبالتالي فهي لا تتحول بتغير المكان أو بتحول الزمان.
ولذلك فالمغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، رحمه الله، هو رمز خالد للعطاء والعمل الإنساني في العالم بما قدمه من أعمال خيرة ساهمت في تخفيف معاناة الكثير من شعوب العالم الشقيقة والصديقة والتي لا تزال تستذكر أياديه البيضاء التي لم تميز بين البشر على أساس عرقي أو مذهبي أوديني ، زايد الانسان ، ولا ترتبط المساعدات الإنسانية التي تقدمها دولة الإمارات بالتوجهات السياسية للدول المستفيدة منها، ولا البقعة الجغرافية أو العرق أو اللون أو الطائفة أو الديانة، بل تراعي في المقام الأول الجانب الإنساني الذي يتمثل في احتياجات الشعوب ووصل إجمالي الدول التي استفادت من المشاريع والبرامج التي قدمتها المؤسسات الإماراتية المانحة منذ تأسيس الدولة عام 1971 وحتى عام 2014 إلى 178 دولة عبر العالم.
ولطالما كانت الإمارات عنوانا للخير والعطاء في مجال العمل الإنساني على المستوى العربي والإسلامي والدولي فنجدها سباقة في مد يد العون في كل القضايا ذات البعد الإنساني في أية بقعة من بقاع العالم، بصرف النظر عن البعد الجغرافي أو الاختلاف الديني أو العرقي أو الثقافي، الأمر الذي أكسبها الاحترام والتقدير العميق على المستوى العالمي، هذا الدور الإنساني للإمارات ليس جديدا عليها، فهو توجه راسخ في سياستها الخارجية منذ عهد المغفور الشيخ زايد ، وقد استمر وتطور في عهد صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة، حفظه الله. كما تساهم الإمارات في المنظمات والمؤسسات والصناديق الإقليمية والدولية التي تعمل على تقديم العون للدول النامية في إطار دعم المجتمع الدولي لها.