في ذكرى فبراير .. حديث من القلب

دعونا نتحدث عن فبراير حديث العقل والمنطق، فبراير ثورة شعب وكذلك سبتمبر واكتوبر مع اختلاف الشروط والظروف والاهداف.
 
سبتمبر غيرت شكل النظام من ملكي إلى جمهوري وكان هذا تغير سياسي راديكالي واستعادت الهوية اليمنية والعربية حيث تغيرت التسمية من المملكة المتوكلية إلى الجمهورية العربية اليمنية واستعادت الحكم لليمنيين حيث كان المشير عبدالله السلال هو اول حاكم يمني حكم اليمن بعد اكثر من 1400 عام ظلت فيه اليمن بلد تحت حكم الأحباش ثم الفرس ثم القريشين (الأمويين والعباسين) ثم الايوبيين والمماليك والفاطميين والاتراك ومؤخرا في عام 1919 سلمت للقرشيين من نسل هاشم.

اكتوبر حررت الجنوب اليمني من الاستعمار البريطاني بعد 139 عام من الاحتلال والتبعية السياسية للخارج وقامت جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية وبالتالي فقد كانت ثورة استعادت الهوية اليمنية والعربية وبالتالي توافقت بشكل كبير اهداف ثورتي سبتمبر واكتوبر في مسألتي الهوية اليمنية والعربية المتمثل بهدف استعادت الوحدة اليمنية كخطوة نحو الوحدة العربية .

فبراير كانت ثورة ايظا واختلفت عن سبتمبر واكتوبر من حيث شعبية الحركة والفعل و هذه السمة الاخيرة لفبراير لا يمكن نفيها عن سبتمبر واكتوبر فقد قامت بهما نخبة ثورية معبرة عن الارادة الشعبية وايدهما الشعب بعد قيامهما.


الوجه الاخر للاختلاف هو في طبيعة التغير السياسي فثورة فبراير لم تمس شكل النظام الجمهوري لكنها قومت الانحراف في مسار النظام الجمهوري ليمنع التوريث الاسري واسقط السلطة المسيطرة على النظام لكن الهوية كانت ماتزال يمنية.

 
يمتد الاختلاف بين ثورتي سبتمبر -اكتوبر مع ثورة فبراير في الادوات والاسلوب فقد كانت فبراير ذات اداة شعبية لولا تدخل الاحزاب السياسية في تبني فعلها الثوري وقد كان اسلوبها سلمي وهذا طبيعي لان مطلبها كان اسقاط النظام ولو ان من قاموا بها حملوا السلاح لكانت تمرد ولو اندلعت المواجهة ستنحوا باتجاه حرب اهلية.. في المقابل كانت ادوات ثورتي سبتمبر واكتوبر هي النخبة الثورية المستعدة بالتضحية كفدائين ضد نظام ملكي في الشمال واستعمار في الجنوب وكان اسلوبهما عسكري وهذا طبيعي كونها كانت مرحلة انتزاع هوية وقلب نظام الحكم السياسي جذريا. 
يتبقى فارق واحد بين ثورتي اكتوبر وسبتمبر مع ثورة فبراير وهو تغير النمط الإداري فقد نشاء بعد اكتوبر وسبتمبر نظام جمهوري بادارة مركزية وكان ذلك محكوم بظروف وشروط الواقع اذا انها كانت مرحلة استعادة هوية بينما فبراير كان من نتائجها المطالبة بالادارة الفيدرالية جراء الخوف من التمزق الجغرافي بعد توحده في 22 مايو 1990 والذي انتكس بسبب حرب صيف 1994 ونتج عنه هيمنة جغرافية الشمال على الجنوب.


لنعرج على نكبة 21 سبتمبر 2014 قليلا واقول قليلا لأنها حدث عرضي ظهر كمرض الاكزيما فوق جلد الوطن و ليس له اي سبيل للدخول إلى احشاء الجسد لذلك لا تستحق النقاش فمصيرها الفشل كسابقتها في 1967 اذا انها لا تتمتع بحاضنة شعبية علاوة على انها تقوم على تقويض النظام الجمهوري وكانت انقلاب على الدولة والسلطة من قبل فئة اجتماعية محودة وإنقلاب على ما اجمع عليه اليمنيين في مؤتمر الحوار الوطني بالإضافة إلى انها تريد اسقاط الهوية اليمنية .


لا غنى لليمنيين عن سبتمبر واكتوبر وفبراير ولكن لا يكتمل الرصيد الثوري لليمنيين دون اعادة الاعتبار لحركتي ال13 من يوليو 1974 وحركة ال 15 من اكتوبر 1978 وال 30 من نوفمبر 1967 وحراك المناطق الوسطى في مطلع الثمانينات وفك حصار صنعاء في 1967. وبهذا يكون لدينا رصيد ثوري متكامل كثورات وحركات كلها تؤكد صوابية ثورتي سبتمبر واكتوبر مع الاخذ بالاعتبار ظروف وشروط ومتطلبات واقع كل ثورة وكل حركة.


تبقى حقيقة واحدة يجب التطرق اليها لاختتام حديثنا وهي التسلق على الثورات فعلى سبيل المثال الكثير جعل من نفسه ثوريا دون سواه فقد وصل عدد المدعين بأنهم كانوا في نفس الدبابة التي قصفت قصر البشائر إلى 120 بينما كانت الدبابة لا تتسع لأكثر من اثنيين وهذا ما يفعلوه الان مع فبراير فالتسابق على على الاحتفال بها لمحاولة ايصال رسائل بتملكها وان من يحتفل بها هو من اقامها بينما من قام بها واشعل جذوتها هي دماء الشهداء الذين لا تذكر اسمائهم ولا ترفع صورهم اثناء الاحتفال بذكرى فبراير!!


 هذا المنحى اصبح خطيرا جدا حيث وصل الامر الى محاولة الغاء سبتمبر واكتوبر لتحل محلها فبراير لذلك سيكون الحل هو بإضافة فبراير الى رصيد الثورات والحركات السابقة لتنطلق ثورة جديدة نسميها مارس او حتى ديسمبر لكي نكسر قاعدة توريث الثورات والتسلط على الثورات ونقضي على محاولة انتزاع اي حزب على استحقاقات ثورية والوصول الى الحكم تحت مبرر الشرعية الثورية كون مجال استحقاق الاحزاب للحكم هو عبر الديمقراطية والتداول السلمي للسلطة.

إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص