حماية الإنسان من الإنسان

هل ترون أن من المؤسف أن نتحدث عن حماية الإنسان، ليس من الكوارث الطبيعية أو الحيوانات المفترسة أو الأمراض الفتاكة!... إنما حمايته من أحقاده وشراسته في تعامله مع من يعتبرهم أعداءه. حماية الإنسان من استغلال الإنسان نفسه واستعماله كأداة لتحقيق أغراضه الدنيوية. حمايته من تدميره للمعاني الإنسانية وبيئته والبنية التحتية وما صنعته يد السلام على أرضه.

عندما يتقدم العلم ويرتقي أسلوب حياة الفرد، يفترض أن النتائج تكون مرضية في رفع مستوى تفكيره ومعيشته وتعامله مع الآخرين، لا أن يقوم بصناعة أدوات الدمار والموت وكأن قانون الحياة يقول «أما أنا أو أنت»! فالذي نراه في الآونة الأخيرة من حروب دامية ودمار للمدن وقتل للأبرياء من ناحية، وحرب باردة خفية شرسة تحت غطاء ملون من ناحية أخرى، يدل على أن المسألة ليست بهذه السهولة واليسر، إنما هناك جيوش مدربة على صناعة الفساد والدمار والقتل بكل الطرق القذرة التي يعرفها الناس والتي لا يعرفها أو يتوقعها.

ما يزعجنا كبشر «سكان الأرض» أن نعلم أبناءنا من الصغر في المدارس، احترام الرأي الآخر وحرمة الدم وحرمة التعدي على أعراض الناس والكذب والسرقة، إلى آخرها من مبادئ، وأن يكبر أولادنا ويرون كم كانت تلك الكلمات مجرد حشو في الكتب واثبات بأننا قمنا بمهمتنا التعليمية والتنويرية للأطفال الذين سيمسكون دفة الحياة بعد رحيلنا. وللأسف، ستقول الأجيال القادمة عنا كما قلنا عمن سبقونا «كم كانوا يكذبون؟! «حين نلون لهم الحياة ونصورها كمدينة فاضلة تختلف عن الغاب التي يعيش عليها حيوانات يأكل بعضها بعضا، بينما يفاجأ بأن الإنسان أيضاً يأكل بعضه بعضا ولكن بأساليب وطرق مختلفة!

لست متشائمة إلى هذا الحد، لكن من يتابع الأخبار التي تشمئز منها النفس على الصحف والقنوات الفضائية، وما يحدث على مواقع التواصل الاجتماعي، يجعله يتساءل: أي أرض تلك التي من الممكن أن يعيش عليها الإنسان من دون اعتداء منه على نفسه؟ ليتحقق السلام والأمن الذي هو مطلب كل كائن حي... وربما يذهب فكره وخياله إلى أعلى مستوى من ذلك أيضا، ليسأل نفسه: هل من قاموا بتسجيل أسمائهم للعيش في كوكب المريخ كرحلة ذهاب من دون عودة وجدوا أنه الحل الأفضل لسلامتهم؟

[email protected]

- نقلا عن الراي الكويتية 

إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص