هؤلاء الناس يؤكدون في كل مرة أنهم تخطوا جشع التاجر وضيق أفقه إلى عالم الإنسانية والمسؤولية وأناقة ووعي رجال الأعمال والبيوتات التجارية التي تفخر بها الشعوب ، أعلنوا استعدادهم لشراء وتوفير أجهزة تنفس ومواد تعقيم وكمامات يوزعونها على جميع مستشفيات الجمهورية ، المجد لعمامة الحاج هائل والصماطة الرشوان والكوت الأبيض ، إنه النبي الخضر الذي كنت أتصوره على الدوام هكذا بهيئة الحاج هائل ، المجد لبسكوت أبو ولد ولسمن القمرية ولشركة ناتكو ولربطات عنق المجلس العائلي الهائلي ، المجد لدماثة أخلاقهم ولهذا الوعي الراقي الإنساني المزيج من حس المسؤولية والانتماء وتلك الخبرة مع رجال العالم ومؤسساته المالية ، أبناء هائل وقد تعلموا على يد الشيبة المؤسس ، القروي النبيل الرجل " من أهل الله" الذي رباهم على حسن الخلق والمسؤولية ، ما صادفت أحدهم الا وكان تجسيدا للياقة والتهذيب وتلك الميزة لثري لا يلتفت لثروته ولم تدمغه النقود بالسخف والعجب والجهالة ، متعلمين ولطيفي معشر وجهابذة اقتصاد . يجردونك بأخلاقهم من نزعات الصراع الطبقي ، لا يتخلون عن العامل لديهم حتى وفاته ، ولاحظ مدرائهم التنفيذيين كيف يحظون بفرصة الإفصاح عن مواهبهم ويجنون الأرباح وكأنهم جزء من العائلة ، وفي بقاع العالم يقدمون اليمني كمستثمر بارع وملتزم ، إنهم إخوتنا الكبار محليا وواجهتنا العالمية الأمثل لن أشتري من الآن إلا منتجات بيت هائل ولن أقتني جهازا إلا من وكالاتهم ، هذه العائلة لا تغش.
وهل سمع أحدكم يوما أن أحد أبناء هائل أو أي من أبناء إخوته قد استخدم المال والنفوذ وتورط في حادثة انتهاك أو استحواذ أو عمل مشين؟ بيت هائل واحدة من الأحداث الرائعة التي وقعت لنا نحن اليمنيين ، وأذكر في كل مرة كم بقي أحدهم يبتسم في الشارع وقد أحاط به مجموعة من الأوباش بسبب تصادم سيارته مع شاص، يكيلون الشتائم وهو يبتسم ، عرفته من ملامحه ولم أتذكر اسمه وأظنه احمد هايل ، أما نبيل هائل فكان بيني وبينه تواصل ما وصداقة نشأت على مصادفة مقيل، ظل نبيل أثناءها يبتسم لي طوال الوقت تقديرا لمقالة وطنية كتبتها تلك الأيام وكنت وكلما علق شخص ما مع السرطان أرسله لنبيل فيحتمل كامل النفقات ويتصل بي بعدها يسأل عن صحتي فأخبره أنني سأكون بخير في حالة واحدة وهي أن أمتلك ثروته كلها ، فيجيب ضاحكا : والله لتجنن ، وكنت قد أفصحت قبلها عن دهشتي من كونه يستيقظ تمام السادسة صباحا ولو كنت مكانه لاستيقظت عند المغرب .
مضى زمن ، واستدعت الكورونا بيت هائل الآن وأنا أفكر وقد قرأت الأخبار عن مبادرتهم فكرت كيف أن الرجال الأفذاذ هكذا يظهرون في المصيبة .
ويخطر لي الآن قائمة طويلة من رجال الأعمال اليمنيين وأغمغم: دعكم من الإنسانية ولا تتعلموا من آرماني الإيطالي ولا من بيل جيتس ولا من كل رجال الأعمال الذين أعلنوا انحيازهم لأهلهم في المحنة وتصرفوا كرجال جيدين وجديرين بالاحترام ، ولكن تعلموا قليلا من عيال الحاج . من هذه العائلة التي تفصح عن أن كل فلس كسبوه منا كان إدخارا شعبيا وضع عند بيت هو التجسيد للأمانة والرجولة .
مقالات أخرى